حفل تأبين للرفيقتين زينب نبّوه وزكيّة جلاحج

وقد حضر حفل التأبين العشرات من الرفيقات والصديقات والأصدقاء والرفاق، وبعض ممثلي الفصائل الفلسطينية، في مقدمتهم الرفيق نجم الدين خريط (الأمين العام للحزب)، وعدد من أعضاء المكتب السياسي وعدد من أعضاء اللجنة المركزية.

وقد ألقت الرفيقة وفيقة حسني (عضوة المكتب السياسي للحزب، رئيسة رابطة النساء السوريات) كلمة الحزب، جاء فيها:

يؤلمني أن أقف اليوم في رثاء سيدتين مناضلتين قدّمتا حياتيهما لعكس امتداد المبادئ التي تعلّمتاها في مدرسة الحزب الشيوعي السوري الموحد.

كلنا يعرف أن الموت حقيقة مهما وقفنا عندها طويلاً.

الرفيقتان زكية وزينب عملتا معاً في رحلة النضال، ورحلتا معاً بفارق أيام.

عن أي شيء سأتحدث والقائمة طويلة:

زينب وزكية ناضلتا معاً في العمل الحزبي الميداني في الريف والمدينة لنشر مبادئ الحزب، وفتح نوافذ الضوء من خلال برامج محو الأمية.

مثلتا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد.

ناضلتا معاً في إطار رابطة النساء السوريات منذ بداياتها، وكان الهدف تسليط الضوء على قضايا النساء القانونية والاجتماعية والإنسانية لتحقيق واقع أفضل للمرأة السورية وعلى المستوى العالمي أيضاً.

مثلتا رابطة النساء في اجتماعات اتحاد النساء الديمقراطي العالمي، والمركز الإقليمي في لبنان.

الرفيقة زينب كانت عضواً مقرراً في الهيئة القيادية لاتحاد النساء الديمقراطي العالمي، وكانت رابطة النساء السوريات من المؤسسات للاتحاد.

شاركتا في كل القضايا الوطنية، من احتجاجات، وتقديم العرائض.

عملت زينب على توثيق تاريخ نضال المرأة السورية، وفي الكتابة لجريدة نضال الشعب، وجريدة الحزب (النور).

عملتا بجهد وشغف وإيمان بقضية فلسطين في إطار لجنة الانتفاضة، وكانت لهما علاقات واسعة مع القوى المختلفة، وخاصة القوى الفلسطينية.

لقد كانتا حاضرتين في كل الميادين وتركتا أثراً حيثما عملتا، وبقيت الرفيقتان ملتزمتين بالعمل الحزبي والرابطي لآخر لحظة من رحلتهما في هذه الحياة.

أما في البعد الإنساني والشخصي فسأتحدث قليلاً قليلاً:

زكيّة، الأم والرفيقة والإنسانة صاحبة الروح الحلوة، كانت مشرفتي حزبياً، دخلت بيتي، ودخلت بمحبتها في قلوب أسرتي، أحبها الصغار، وحين تتأخر قليلاً كانوا يقفون أمام الباب ينتظرون قدومها.

وزينب الصخرة الصامدة في وجه كل الصعاب، لم تخف ولم تيأس ولم تهزمها السنون، وظلت جذوة النضال متوهجة في عقلها وقلبها، كنت في الصف الحادي عشر حين تعرفت عليها، زارتني في المنزل قائلة سمعت من الرفاق أنك ترسمين بشكل حلو، أريد منك أن ترسمي شعار غلاف أول عدد للرابطة، وكان على ورقة الحرير، ومنذ ذلك الوقت بدأت خطواتي الأولى لبداية عملي الحزبي المتواضع، وحين كنت أتأخر عندها للمساء ترفض أن أعود وحدي للمنزل رغم أننا نسكن في حي واحد بالمهاجرين.

اعذروني إن أطلت فالجعبة مليئة بقصص كثيرة.

السلام لروحيهما ولتكن مسيرتهما حافزاً للأجيال الشابة.

 

كلمة المنظمة النسائية الديمقراطية (ندى)

ثم ألقت الرفيقة سامية طاغلي (عضوة قيادة المنظمة النسائية وعضوة مكتب قطاع المرأة في سورية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين)، كلمة المنظمة النسائية الديمقراطية (ندى) جاء فيها:

الرفاق الأعزاء في الحزب الشيوعي السوري الموحد!

الرفيقات المناضلات في رابطة النساء السوريات!

نتوجه بالتحية لكم ومن خلالكم لكل الرفاق والرفيقات في الحزب والرابطة..

نشارككم اليوم، باسم المنظمة النسائية الديمقراطية (ندى) منظمة المرأة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين/ إقليم سورية، حفل تأبين الرفيقتين زينب نبّوه (أم فياض) وزكية جلاحج.

نقف اليوم وقفة إكبار وإجلال وتقدير لهن ولكل الشهداء الذين قدموا أغلى ما يملكون من أجل الوطن والشعب.

ربطتنا بالشهيدة الراحلة المناضلة الشيوعية الوطنية (أم فياض) علاقات رفاقية متينة، المناضلة التي كرست حياتها من أجل الوطن والشعب عنواناً للمرأة السورية التي حملت لواء مساواة المرأة بالرجل، وسعيها الدائم على المستويين العربي والدولي عبر اتحاد النساء الديمقراطي العالمي والمنظمات النسائية العربية، وما حملته وما قدمته من مبادئ وقيم وأفكار ومبادرات لتعزيز وتطوير دور المرأة على الصعد كافة.

شكلت المناضلة (أم فياض) مثالاً للمرأة في النشاط السياسي والفكري والتنظيمي، ومثالاً بارزاً لمشاركة المرأة في النضال الوطني والحياة السياسية من أجل تحقيق المصالح الوطنية للوطن والشعب.

الرفيقة أم فياض الحاضرة في تفاصيل الحياة النضالية للمرأة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وللقضية الوطنية الفلسطينية في سورية، كنت معنا على الدوام في الموقع نفسه وفي الخندق الواحد والرفاق في الحزب والرابطة في مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري الإمبريالي الأمريكي في المنطقة، من أجل حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة.

سنفتقدكم ومعنا كل من عرفكم، كما كانت فلسطين حاضرة على الدوام في وجدانكم على المستوى السياسي والوطني، ستبقون خالدين وكل الشهداء فينا ما حيينا.

الرحمة للرفيقة زينب نبّوه (أم فياض) وللرفيقة زكية جلاحج، والعزاء لعائلتيهما وللرفاق والأصدقاء في رابطة النساء السوريات، وللحزب الشيوعي السوري الموحد!

المجد للشهداء.. والحرية للأسرى.. وعاشت سورية وفلسطين!

 

كلمة ابنة الفقيدة (أم فياض)

ثم ألقت زويا بحبوح ابنة الفقيدة (أم فياض)، كلمة جاء فيها:

الحضور الكريم!

أمّي الحبيبة.. نتذكّرك بحبّ وامتنان في هذا اليوم.

كانت شخصاً استثنائياً يعيش لخدمة الآخرين بكلّ تفانٍ وإخلاص..

أمي المحبة لأسرتها وأبنائها وأحفادها، المتفانية في رعاية الجميع، المخلصة للعائلة، وقد تركت فيها أثراً لا يُنسى في حياتنا.

عملت بلا كلل ومن كلّ قلبها، في الحقول السياسية والاجتماعية، مساهمةً في تعزيز حقوق الإنسان، وخاصة حقوق الطفل والمرأة، مناضلةً صلبة في صفوف الحزب الشيوعي اللبناني والسوري.

ناضلت ضمن اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، ولجنة حقوق المرأة، ورابطة النساء السوريات.

من مظاهرات مناهضة للعدوان الثلاثي على مصر 1956، إلى الاحتجاجات على مبدأ أيزنهاور وحلف بغداد 1957، وصولاً إلى مقاومة الإنزال العسكري الأمريكي ببيروت.

من دعم للثورة الجزائرية والتضامن مع البطلة جميلة بوحيرد، إلى مساندة حركة السلم العالمي ونداء استوكهولم، مع الرفيقات في لبنان، وقد جرى اعتقالهنّ جميعاً على خلفية الاحتجاجات على اعتقال القائد الوطني فرج الله الحلو وتصفيته لاحقاً.

من تقديم المساعدات المادية والمعنوية والطبية وجمع التبرعات في حربي 1967 و1973 في سورية، إلى محاولات لتغيير القوانين الجائرة بحقوق المرأة والطفل، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ومكافحة الأمية، بعمل دؤوب ومترابط مع نساء وعضوات رابطة النساء السوريات.

مدافعة عن قضايا وطنية وطبقية تهمّ الجماهير ضمن عملها السياسي في صفوف الحزب الشيوعي السوري الموحد.

كانت إحدى المبادرات في تشكيل اللجنة النسائية العربية لدعم انتفاضة الأقصى عام 2000 في قضية تعتبرها قضيتها الأولى والأهمّ.. قضية فلسطين وتحريرها.

صحفية شرسة منذ البداية، إن كان بجريدة النداء ثم الأخبار للحزب الشيوعي اللبناني، إلى حبّها الأكبر جريدة (النور) جريدة الحزب الشيوعي السوري الموحد.

بجانب عملها الإنساني والنضال الطويل الشاق، كان لها أثرٌ كبير على كل من عرفها وعمل معها، فبقوّتها وإرادتها حقّقت نجاحات هامة، وتركت بصمة لا تُنسى في حياة المحبين وذاكرتهم وقلوبهم.

كانت دائماً واضحة وثابتة في مواقفها الوطنية والفكرية، ولم تتردد في الدفاع عن معتقداتها بكلّ جرأة وقوة.

لا يمكن وصف الحزن الذي شعرنا جميعاً به وخاصة والدتي لفقدان والدي العزيز، المناضل عبد الجليل بحبوح (أبو فياض)، الأب الحنون والزوج المحب، رفيق درب أمي في النضال وداعمها الأساسي، لكن فقدان أخي فياض كان من أصعب اللحظات في حياتنا، تأثرت أمي بشدة من هذا الحادث الأليم، كانت لحظات عصيبة جداً، وأكثر ما أحزننا هو حزن أمي الشديد على ابنها.

إلا أن أمي تماسكت، وبقيت صامدة، وسرعان ما عادت إلى ممارسة أعمالها رغم كل الألم الذي كان يعتصر صدرها وفؤادها.

كانت رؤيتها للعالم تتسم بالرحمة والعدالة، وكل جهودها موجّهة نحو تحقيق تغيير إيجابي في هذا العالم.

لن يمرّ يوم دون أن نفتقدها ونشتاق إليها، وستبقى ذكراها حيّة في قلوبنا وقلوب الذين عملوا معها وشاركوها نضالها وتضحياتها.

نعدك يا أمي أن نواصل مسيرتك والعمل لتحقيق تطلّعاتك وأحلامك، لأنك مصدر إلهام لنا جميعاً!

وداعاً أمي!

تحية للجميع بكلّ الحب والامتنان!

 

كلمة ابنة الفقيدة (أم مرمر)

بعدها ألقت زويا أباظة ابنة الفقيدة (أم مامر) كلمة جاء فيها:

في هذا اليوم أعزائي وأحبائي، أقف أمامكم لأعبر عن امتناني لكم جميعاً و تعازيّ الصادقة في ذكرى وفاة والدتي.

روح عظيمة غادرتنا بعد حياة مليئة بالعطاء والنبل.

كانت إمراة لطيفة وهادئة، لكنها في الوقت ذاته كانت قوية الروح والعزيمة، هذه الصفات النبيلة هيأتها لتكون مصدر إلهام لنا جميعاً في هذه الحياة.

لقد نشأت في عائلةٍ متنورة، حيث كان والدها متعلماً (في الأزهر) وشخصاً متنوعاً في القراءة محباً للعلم والمعرفة منفتحاً على الجميع..   فساهمت هذه البيئة المثقفة في دفعها باتجاه الفكر التقدمي وتكوين وعيها السياسي.

وبانضمامها للحزب الشيوعي السوري تابعت والدتي مسيرتها الفكرية والسياسية وهي بداية رحلة عظيمة وشاقة كانت خلالها مثالاً للشجاعة.

طالما كانت أم مامر رمزاً للهدوء والسكينة في بيتنا ومصدر الحكمة والنصح.

كانت صديقتي الحميمة، البعيدة عن الأعين ولكنها القريبة بقلبها وأفعالها، تعطي الحب والاهتمام بصمت،  فعندما تكون بقربها تشعرك دوماً بالطمأنينة والثقة.

كانت متولّعة بحفيدها مروان، تغمره بحنانها ورعايتها وتحلم دائماً بتأمين مستقبلٍ أفضلٍ له.

ورغم انشغالها بأعمالها الوظيفية والمنزلية كربّة منزلٍ وأسرة،ٍ كانت تندفع لنشاطها السياسي والنضالي من أجل قضايا الشعب والوطن.

فمثلاً عندما اعتقل شقيقها فايز في سجن المزة شاركت مع عائلات المعتقلين الآخرين  في النضال من أجل إيصال المساعدات للمعتقلين وتأمين الزيارات لهم، ولم تكن تتأخر عن تنفيذ أي مهمة يكلفها بها الحزب، وكانت تشارك في جميع النشاطات والفعاليات الحزبية والوطنية.

لا شك أن فقدان أي شخصٍ عزيزٍ او غالٍ يترك جرحاً في القلب، إلا أن الجرح الذي يتركه فقدان الأم يبقى غائراً ولا يندمل مع مرور الزمن والأيام.

لقد ودعنا هذه الروح النبيلة بقلوبٍ مؤمنة بأنها ستظل حاضرة دائماً في ذكرياتنا وأفعالنا.

لن تنساها عائلتها وأصدقاؤها، وستبقى رمزاً للخير والنبل في قلوبنا إلى الأبد.

مرة أُخرى أشكر لكم حضوركم ومشاركتكم .

لا أفجعكم بعزيز.

* ثم تحدث شقيق الفقيدة فيصل جلاحج مستعرضاً بعض الذكريات والمآثر بحياة الرفيقة أم مامر.

واختتم الحفل بالشكر لمن حضر وتخليد ذكرى الراحلين وجميع الشهداء على مستوى الوطن والحزب، وجميع مناضلي المقاومة الفلسطينية.

آخر الأخبار