سليم خيّاطة (1909- 1965)
ولد سليم في أمريكا عام 1909 وكان والده- واسمه سليم أيضاً- مهاجراً ومتصلاً بشيوعيي أمريكا. في عام 1922 عادت العائلة إلى لبنان وسكنت مدينة طرابلس، وأسس الأب مطبعة هناك، وهكذا تخرج سليم في أسرة شيوعية مثقفة.
في طرابلس أنهى دراسته الثانوية ثم أمضى سنتين في الجامعة الأمريكية في بيروت.. درس الحقوق في دمشق من عام 1929 إلى ،1932 وساهم بنشاط منظمة الحزب الشيوعي بدمشق التي تأسست عام ،1928 وكانت أكثر مساهمات سليم الحزبية بين الأوساط الأدبية والعلمية.
أصدر سليم خياطة العديد من الكتب منها (حميات في الغرب، على أبواب الحرب، الحبشة المظلومة، الأزليان، قصة حلم، خاتمة الأولياء، بستان الجن، أدب الزمان)، ورواية (بلدة على بحر الروم). وكتب سليم إضافة إلى تلك الكتب عشرات الافتتاحيات في مجلة (الدهور) وما صدر عنها من منشورات، وكان يكتب باستمرار للصحف والمجلات مثل (الكوكب، النداء، الثقافة، الأحرار، الحديث، المعرض، الطليعة، الطريق). وكتب أيضاً العديد من القصص مثل (ضريح الشيخ طه في حماة، ومن يومية رجل يقيم على حدود العقل)، وأبحاثاً في النقد الأدبي. وساهم مع محمود الأطرش ونقولا الشاوي في إعداد وثيقة مؤتمر المثقفين الثوريين الذي عقد في زحلة عام 1934 وأصدر نداء إلى المثقفين عام 1936 مما جاء فيه: (تقدموا من الجماهير الشعبية لتتقدم منكم.. خذوا بيدها لتأخذ بيدكم.. احموا ودافعوا عن لقمتها وحقها وثقافتها لتحميكم وتدافع عن كرامتكم).
سليم خياطة والحزب
كان سليم خياطة يعمل ويبادر وينفذ نهجاً رسمه وصاغه الحزب الشيوعي السوري.. أما مرتبة سليم الحزبية حسب المصادر المتوفرة، فقد كان سليم هو الذي نظم نقولا شاوي في الحزب، وكان ذلك صيف 1933 ويقول نقولا شاوي إنه وسليم كانا مسؤولين عن العمل بين المثقفين بين عامي 1934 و1935. ويقول آرتين مادويان: من أوائل 1934 إلى أواخر 1936 تعاظم دور الحزب في مصافّ القوى المناضلة في حركة التحرر العربي على قاعدة وحدة القوى في النضال المعادي للإمبريالية (وقد سلك الحزب منهجاً سياسياً صحيحاً انطلاقاً من واقع بلادنا في تلك الفترة)، وكان هذا المنهج بمثابة خطوة أولى للخروج من العزلة السياسية داخل حركة التحرر الوطني.
ويتابع آرتين قائلاً: يجب التنويه بأن الرفيقين أبا داود وسليم خياطة شاركا في هذا الخط وتنفيذه.. ومن المعلوم أن أبا داود اعتقل عام 1934 وفيما بعد أبعد، فبقي من القيادة آرتين وناصر حدة، وأصبح الوضع صعباً ولتخطي الصعوبات وضمن إطار صلاحيات استثنائية اعتبر الرفاق سليم خياطة ونقولا الشاوي وفرج الله الحلو بمستوى أعضاء في اللجنة المركزية، وكنت على صلة دائمة بهم.
ويقول آرتين: استلم سليم خياطة رئاسة تحرير مجلة (الدهور).. وكانت (الدهور) تعبر بشكل عام عن الخط السياسي والفكري للحزب الشيوعي في الميدان الثقافي، فجاءت افتتاحياته وسائر مقالاته تنبض بأفكار جديدة على الدوام، وما هي إلا فترة وجيزة حتى تجمع حول سليم و(الدهور) مفكرون تقدميون وديمقراطيون وأدباء وشعراء مبدعون.. لم تتحمل سلطات الاحتلال الفرنسي افتتاحيات سليم، فاعتقلته، وبعد تعذيبه طردته من لبنان إلى فلسطين في كانون الأول 1934. في أوائل 1935 عاد سليم إلى لبنان وعمل في تحرير مجلة (الطليعة).
اعتقل عام 1940 وكانت حالته الصحية سيئة جداً، فأثّر السجن والاضطهاد على توازنه الصحي والنفسي، وعلى أثر التعذيب الشديد الذي تعرض له والضرب الوحشي على رأسه، أخذت تظهر عليه حالات الضياع وأوجاع في دماغه، صمت عن الكتابة واعتزل الحياة العامة سنوات طويلة، وأخيراً توفي سليم خيّاطة عام ،1965 ولكن دوره واسمه وكتاباته ستبقى حاضرة إلى زمن طويل.