تصريح للناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد حول التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا
صرّح الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد بما يلي:
نؤكد بدايةً أننا، في الحزب الشيوعي السوري الموحد، نرفض تدخل أي دولة في شؤون دول أخرى، انطلاقاً من حرية الشعوب في اختيار أنظمتها السياسية وقادتها، لكن هذا يتطلب التزاماً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وأخلاقياً من قبل جميع الأقطاب الكبرى في العالم، فهي القادرة على إشعال الحروب والتدخل، بألف طريقة وطريقة، في شؤون دول العالم وشعوبها، وخاصة القطب الأمريكي الذي توهّم أنه سيبقى القطب الأوحد.
مع وصول الليبراليين الجدد إلى البيت الأبيض في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، سعت أمريكا إلى فرض نهجها المعادي لكل المبادئ الفلسفية والسياسية والاقتصادية والإنسانية: (إما الحصول على كل شيء وإما سنحوّل العالم إلى جحيم).
وهكذا سرعت بقيادة ريغان في التخلّص من الاتحاد السوفييتي الذي كان في النزع الأخير، وفرضت على الدول النامية، وخاصة دول الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية السابقة برامج (التكييف الاقتصادي والتثبيت الهيكلي) أو ما عرف “بتوافق واشنطن”، وراحت أمريكا تصول وتجول في ساحات الاقتصاد العالمي مستخدمة الثلاثي الفاعل (منظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي).
لكن بروز دول نامية كبرى كروسيا والصين والهند وفنزويلا وجنوب إفريقيا، هدّد وحدانية القطب الأمريكي، خاصة بعد أن غدت هذه الدول تتحكّم بثلث الاقتصاد العالمي، وتحوّلت إلى أقطاب كبرى تمارس تأثيرها حتى في الاقتصاد الأمريكي ذاته.
وهكذا عادت عقيدة (مونرو) سيئة الصيت، التي غابت قليلاً، لتتسيّد السلوك الأمريكي (أي تهديد لمصالح أمريكا يجب أن يزول بالقوة)، فبدأت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في إشعال الحروب، وخاصة في المناطق الاستراتيجية داخل هذه الأقطاب أو في خاصرتها، في محاولة لإجهاض نموها الاقتصادي ثم السياسي، وعملت على تشديد القبضة على المناطق المؤثرة في مجرى السياسة والاقتصاد العالميين (شمال إفريقيا والشرق الأوسط)، وهكذا اجتاحت العراق عسكرياً،،ثم كانت سورية وشعبها، الذي قال لا للمخططات الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي، هدفاً لأشرس غزو إرهابي فاشي عرفته البشرية، سانده عسكرياً ومالياً ولوجستياً تحالفٌ دوليّ تقوده أمريكا، مستغلّةً تباطؤ عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي، وغضب الجماهير الشعبية بعد تدهور أوضاعها المعيشية، وكان يمكن لهذا الغزو الإرهابي أن يحقق أهدافه لولا وقوف روسيا إلى جانب سورية وشعبها، بدءاً بالفيتو، مروراً بالدعم السياسي والاقتصادي، وانتهاء بالتدخل العسكري في مواجهة الإرهابيين، واستعادة معظم الأرض السورية، وقيادة الجهود الدولية لإنهاء الأزمة السورية عبر الطرق السياسية.
لقد حاولت روسيا تلافي التصعيد العسكري مع أوكرانيا عبر جهود سياسية متواصلة مع الأمريكيين والأوربيين، لكنهم كانوا مصرّين على تطويقها بصواريخهم، وعلى إدخال النصل الأوكراني في خاصرتها، بعد أن وعدوا المتطرّفين الأوكرانيين بالمساندة والدعم.
نحن مع القيادة الروسية في سعيها من أجل ضمان أمنها وأمن مواطنيها بجميع الوسائل، فلجم عدوانية أمريكا وغطرستها، ووقف تدخلها في شؤون دول العالم بأسره أصبحت ضرورة ملحّة لضمان الاستقرار والسلام العالميين.
في مواجهة روسيا لعدوانية الولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين لن نقف محايدين، بعد أن امتزج الدم الروسي مع دماء بواسل الجيش السوري في مقاومة الإرهابيين، ووقف نزيف الدماء ومواجهة الحصار الاقتصادي الجائر على بلادنا.
نتمنى أن تصغي القيادة الأوكرانية لصوت العقل والحكمة، وأن تعود إلى ترجيح الحلول السلمية التي توفر إراقة الدماء بين الشعبين التوأمين.