رسالة حول رؤية الرفاق الشيوعيين السوريين في كندا وأمريكا بالتشاور والحوار مع رفاق آخرين خارج الوطن

تزامناً مع صدور تقرير وبلاغ عن كلٍّ من اللجنتين المركزيتين للحزب الشيوعي السوري 12/11/2021 والحزب الشيوعي السوري الموحد 25/11/2021 حول الوضع الدولي والوضع الداخلي في سورية – تضمنت قضايا مشتركة هامة بين الحزبين، ونظراً لخطورة المرحلة التي تمر بها سورية، فإننا نعرض هذه الرؤيا لجميع الرفاق الشيوعيين السوريين أينما كانوا.

الوضع الدولي:

بداية يمكن القول إن المرحلة الحالية من التطورات الإقليمية والدولية تتميز بحدة الصراع والتناقضات مع تصاعد التصريحات الخطيرة، في ظل نظام العولمة النيوليبرالية التي يمكن وصفها بأنها أعلى مراحل الإمبريالية المتوحشة – التي تحاول مصادرة حق الدول والشعوب في السعي لانتهاج سياسة مستقلة عن الإمبريالية العالمية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود الحلف الأكثر عدوانية وخرقاً لسيادة الدول المستقلة في العالم – من كوبا إلى فنزويلا إلى سورية وغيرها.

ومن الواضح تطور الاستراتيجية الأمريكية وحلف الناتو الذي يقود قوى العدوان ضد الشعوب باتجاه شرق آسيا ومحاولة تطويق روسيا والضغط على الصين التي أصبحت المنافس الأول في الاقتصاد العالمي، نظراً لما وصلت إليه من تطور، فقد استطاعت الاستفادة من الاستثمارات الغربية التي وطّنت خطوط الإنتاج الغربية المنقولة– فشغلت اليد العاملة الصينية واستطاعت تطوير هذا الإنتاج لصالح الطبقة العاملة والشعب الصيني – كما تراكمت الديون من جهة أخرى على الولايات المتحدة الأمريكية حتى بلغت أكثر من تريليون دولار أمريكي لصالح الصين – مؤخراً رصدت الصين تريليون يورو لتنفيذ المشروع الكبير عبر أوربا والعالم، وهو مشروع طريق الحرير الجديد، وهي سائرة بتنفيذه مما اضطر الاتحاد الأوربي لرصد 300 مليار يورو لتنفيذ مشروع منافس رداً على المشروع الصيني الذي يشكل أكثر من ثلاثة أضعاف – وبالمناسبة لا وجود لأي من الدول العربية في هذه المشاريع لا من قريب ولا من بعيد.

التصعيد الخطير اليوم من قبل الدول السبع الكبرى وقيادة حلف الناتو، على جبهة روسيا أوكرانيا، وحشد أوكرانيا عشرات آلاف الجنود على جبهة الدونباس وطلب الحكومة الأوكرانية الفاشية الانضمام إلى حلف الناتو والدعم العسكري لإعادة القرم إلى السيادة الأوكرانية – وكذلك التصعيد على جبهة بيلاروسيا مستغلين قضية اللاجئين على الحدود البولونية، بسبب فشلهم في إسقاط الحكومة هناك – إنما يعني ذلك العودة إلى سياسة سباق التسلح الخطيرة من خلال التضييق على روسيا وتهديدها بشكل مباشر من قبل كل الدول الأوربية عبر الاجتماع الذي دعا إليه بايدن أمس – ونرى أن رد الرئاسة الروسية ووزارة الدفاع الروسية بإعلانها أنها جاهزة للرد على أي عدوان، وأنها لن تسمح بأي تهديد من الناتو ضدها، وأن منظوماتها للردع عالية التطور التي تم تحديثها جاهزة لمواجهة أي حماقة أو عدوان يرتكبه الناتو، مما يزيد من خطورة الوضع العالمي ويهدد الأمن والسلم الدوليين.

 

الوضع السوري ومجريات الأوضاع الراهنة على كل الجبهات والمهام الملحة أمامنا:

لا شك أن الحرب التي شنت علينا كان من أول أهدافها القضاء على الدولة السورية، وقد تكفل جيشنا العربي السوري الباسل بإفشال هذا المخطط العدواني الكبير عبر خوضه أشرس المعارك بمواجهة جيوش التوحش المدعومة من الإمبريالية العالمية والقادمة من كل أصقاع الأرض – قدم جيشنا والشعب السوري الذي وقف إلى جانبه مئات آلاف الشهداء لتبقى سورية عصية على العدوان – وبعد هذه المقدمة لابد من الدخول في عمق قضايا الوطن.

– الأولويات والتحديات الراهنة التي تواجهنا والمهمات:

أولاً – والأهم إنهاء كل الإحتلالات الصهيونية والأمريكية والتركية وتحرير أرضنا المقدسة من رجسها، للحفاظ على الدولة السورية علمانية ديمقراطية موحدة أرضاً وشعباً.

ثانياً – إلى أين نحن ذاهبون؟ السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على صعيد الوضع الاقتصادي الاجتماعي عبر السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من الخراب الاقتصادي ومزيد من المآسي وتردي أوضاع الشعب المعيشية.

نحن الشيوعيين السوريين بنينا تحالفاتنا على أساس التوجه الاشتراكي والتطور الديمقراطي والعلماني للدولة السورية – ونحن ندرك اليوم مدى خطورة وصعوبة الأوضاع الراهنة ونتائج الحصار الجائر والعقوبات الاقتصادية الظالمة المفروضة علينا من قبل الإمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية – والتآمر الذي جرى ومازال على مقدرات شعبنا وما آلت اليه الأوضاع – ونعلم أيضاً أن هناك أسباباً أخرى أوصلتنا إلى مانحن عليه من تفكك مجتمعي وأخلاقي وانهيار للقيم لم يصل اليها المجتمع السوري من قبل – ونرى أن هذه الأسباب الذاتية فاقت بنتائجها المأساوية على شعبنا نتائج الحصار والعقوبات وقانون قيصر- ولنكون واضحين أمام شعبنا فإننا نرى أنه يتم خرق القوانين وكذلك الأعراف والتقاليد المجتمعية، حتى أصبحت اليد الطولى لأمراء الحرب وتجارها الذين اغتنوا من تكديس الأموال المنهوبة من قوت الشعب على حساب الدم السوري، بالاشتراك مع البيروقراطية الحكومية الفاسدة والبرجوازية الطفيلية التي أصبحت فوق القانون وتطاولت على كرامات الناس.

ونرى أنه من أجل منع انهيار الدولة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً لابد من وضع حد للتجاوزات وفرض القانون على الجميع دون استثناء، من خلال دعم استقلالية القضاء ووقف الفساد في كل مفاصل الدولة، والتصدي الحقيقي للنهب المنظم للدولة ومؤسساتها من عصابات اللصوص والمرتزقة دواعش الداخل، وإعادة المال المنهوب إلى خزينة الدولة.

ونرى أن الجيش العربي السوري الذي قدم التضحيات والشهداء يشكل العامل الوطني المهم في الدفاع عن الوطن والحفاظ على الدولة السورية الحرة المستقلة من أي احتلال.

إننا نحن الشيوعيين السوريين نؤكد ضرورة التراجع عن السياسات النيوليبرالية المدمرة للبلاد والسير باتجاه التنمية الاقتصادية المستقلة ذات التوجه الاشتراكي، بعيداً عن سياسة البنك الدولي، ونؤكد على عدم تقديم أية تنازلات سياسية لقاء مكاسب اقتصادية ملغومة وملوثة.

ونرى أن الخروج من تعقيدات الوضع السوري يحتاج إلى التعاون الحقيقي والمخلص بين كل القوى الوطنية والتقدمية دون استثناء أو استئثار من أحد، للوصول بوطننا سورية إلى وطن معافى للجميع، من خلال مؤتمر وطني شامل يمكنه أخذ القرارات الضرورية لحل مجموع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المطروحة – يتألف أعضاؤه من كل القوى الوطنية والتقدمية من كل الاختصاصات الاقتصادية والعلمية والقانونية والنقابية، لوضع برنامج وطني متكامل لتوجه سورية الديمقراطي العلماني المستقل وجدول زمني للتنفيذ وتكليف الحكومة بمسؤولية التنفيذ تحت طائلة المساءلة القانونية أمام الشعب السوري العظيم.

السلام لسورية والخلود لأرواح الشهداء والشفاء للجرحى!

الشيوعيون السوريون في كندا وأمريكا وبعض الرفاق خارج الوطن.

12كانون الأول 2021

عنهم:

يوسف فرحة – يوسف طربوش

آخر الأخبار