معاً من أجل حياة أفضل لشعوب العالم

عقدت الأحزاب الشيوعية والعمالية لقاءً استثنائياً عالمياً من 10 إلى 12 كانون الأول 2021 حول (التطورات العالمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية- والتضامن مع كوبا والشعب الفلسطيني وكل الشعوب التي تناضل ضد العقوبات والمخططات العدوانية الإمبريالية)، وقد شارك في هذا اللقاء (افتراضياً) 70 حزباً من كل أرجاء العالم.

 

وقد أرسل الرفيق نجم الدين الخريط (الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد) لهذا اللقاء كلمة باسم الحزب هذا نصها:

 

الرفاق الأعزاء في مجموعة العمل للأحزاب الشيوعية والعمالية!

أبعث إليكم بأطيب التحيات من رفاقكم في الحزب الشيوعي السوري الموحد متمنّين لهذا اللقاء العالمي النجاح والتوفيق.

الرفاق الأعزاء؛

يمرّ النظام العالمي بمرحلة معقدة من إعادة البناء، يكمن جوهرها في أن العلاقات الدولية بدأت تتسم بطابع متعدد المراكز بعد مرحلة (الحرب الباردة) والثنائية القطبية وما تلاها من محاولات لإرساء زعامة دولة عظمى واحدة تتفرد بإدارة العالم.

في هذا البناء العالمي الجديد والمتنوع لا يسعى إلى إثبات نفوذه فيه مركزُ قوة وحيد، بل تسعى إلى ذلك مراكزُ عديدة تكتسب في البداية قدرة اقتصادية ومن ثم سياسية، ومن ثم عسكرية، وتعدد الأقطاب صار واقعاً سياسياً جديداً. ولكن تشكل نوع جديد من البناء العالمي مشروط بانتهاء منظومة القطبية الأحادية. ومن الواضح أن هذه العملية تمرّ بمخاض عسير وصراع مرير، ولا أحد يعرف كم سيستمر هذا المخاض بكل آلامه، لكون الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى إطالة عمر زعامتها، مستخدمة كل الوسائل والأساليب، وبضمنها تدخلها في الشؤون الداخلية للدول والأقاليم، وتعمل على نشر الفوضى على الصعيد العالمي بهدف توسيع دائرة سيطرتها، مستندة بذلك إلى تفوقها الاقتصادي (الناتج عن استغلالها للدول الأخرى) والعسكري وتطور تكنولوجيا البرمجة والاتصالات، وضاربة بعرض الحائط الشرائع والقوانين الدولية والمبادئ الأساسية لنظام هيئة الأمم المتحدة (مثل سيادة الدول وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها) مستخدمة آليات الضغط المالي والسياسي والعسكري والدعائي والإعلامي للتدخل في شؤون الدول الأخرى بذرائع وحجج مختلفة، وتحت لافتات وشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وهذا يعني أن معاناة العالم قد تستمر طويلاً، لأن نهج الولايات المتحدة وحلفائها، القائم على حل مشكلاتهم الخاصة من خلال التدخل في شؤون الدول الأخرى، يحمل مخاطر كبيرة، ويتوافق مع زيادة النزاعات على أرضية إثنية وطائفية، ومع نمو الأمزجة القومية المتشددة، والحركات الدينية المتطرفة، وزعزعة استقرار مناطق كاملة.. فالولايات المتحدة في سعيها المحموم إلى إيقاف عملية التشكل الموضوعي للنظام العالمي الجديد الذي يمليه التطور التاريخي، أو كبحها، سوف تزيد من نشاطها في مجال زعزعة استقرار الأوضاع الداخلية في بلدان مختلفة، لأنها ترى في ذلك الفرصة الوحيدة “للحفاظ” على تفوقها، مستخدمة في ذلك كل الوسائل، بدءاً من الضغوط المالية والحصار الاقتصادي وصولاً إلى العدوان العسكري المباشر، بغض النظر عن قرارات مجلس الأمن ومن خارج المؤسسات الدولية، مثلما جرى مع عدة دول مثل العراق.. ليبيا.. سورية وغيرها. إذ تقوم الولايات المتحدة بإطلاق التهم الكاذبة على نظام الحكم في البلد المستهدف مثل الاتهام بامتلاك السلاح الكيماوي، أو خرق حقوق الإنسان، …الخ. ثم تقوم وبقرار منفرد منها بمعاقبة هذا البلد بعد أن تكون قد شوهت سمعة النظام فيه، وهيأت الإجراء من خلال التلاعب بالاستياء الاجتماعي في هذا البلد. ففي الدول التي حدثت فيها اضطرابات جدية، والتي سارع الغرب لسبب ما إلى وصفها “بالربيع العربي”. وكذلك في أوكرانيا، خرج الناس في البداية إلى الشوارع تعبيراً عن الاستياء من سياسات حكوماتهم الاجتماعية والاقتصادية، بيد أن هذه الاحتجاجات الشعبية سرعان ما وجدت نفسها تحت الرقابة وممولة وموجهة في الوجهة اللازمة. كما حدث ذلك في ليبيا وسورية. وكذلك بالتلاعب بالوعي الاجتماعي باستخدام أسلوب تغيير المفاهيم تبعاً للأوضاع. أو من خلال استغلال أحداث مأساوية متفرقة بهدف تسخين الخلفية الإعلامية وتشويه سمعة الجهة غير المرغوب فيها.

هذه بعض الأساليب التي تستخدمها الولايات المتحدة من أجل زعزعة الأوضاع في دول متفرقة، وهذا صبغ الوضع الدولي الراهن بالسمات التالية:

 

  • احتدام التناقض بين الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وجميع شعوب العالم الطامحة إلى التحرر والتقدم وبناء دولها الوطنية المستقلة ذات السيادة، من جهة أخرى.
  • التناقض بين الأنظمة الرأسمالية من جهة، والجماهير والطبقات الكادحة في بلدانها ذاتها وخاصة الطبقة العاملة، من جهة أخرى.
  • التناقض بين المراكز الإمبريالية العالمية وخاصة الأميركية من جهة، ومن جهة أخرى تجمعات سياسية واقتصادية إقليمية كبرى برزت في مواجهتها وتعمل لنزع الهيمنة الأحادية نحو عالم متعدد الأقطاب، وتنامي الدور الذي تلعبه الصين وروسيا والهند ودول أخرى.

مع كل هذا، تظل واشنطن مدركة أن التناقض الرئيسي ضدها، كقطب أوحد للعالم، هو الصين، لذلك بدأت، منذ إدارة أوباما، تنزاح عن منطقة الشرق الأوسط نحو الشرق الأقصى، لمجابهة الصين التي يراها الأمريكان التهديد الرئيسي لهم.

وإننا في الحزب الشيوعي السوري الموحد نرى:

 

  • أن متابعة مجابهة العدوان الإمبريالي الصهيوني العثماني، وتحرير جميع الأراضي السورية المحتلة، سواء من “إسرائيل” أم من القوات الأمريكية وحلفائها، أم من تركيا العثمانية، أم من العصابات الجهادية والإرهابية الأخرى، والاستمرار في مكافحة الإرهاب بمختلف صوره، بجميع الوسائل، والتصدي لأي نوع من مخاطر تقسيم الوطن أو تجزئته أرضاً وشعباً، ومعالجة القضايا المتعلقة بحياة الجماهير الشعبية وتلبية مطالبها هي المهمة ذات الأولوية في المرحلة الحالية.
  • العمل من أجل التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية يضمن استقلال سورية ووحدتها أرضاً وشعباً.
  • استمرار النضال مع جميع قوى حركة التحرر الوطني العربية، بصفتنا جزءاً منها، من أجل تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، واستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني في العودة إلى أرضه وتقرير مصيره عليها، وبناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
  • إن النضال من أجل عالم متعدد الأقطاب يمثل اليوم هدفاً مرحلياً لجميع قوى الاشتراكية واليسار والتقدم والسلام في العالم، لكن الهدف النهائي لن يكون إلا تقويض النظام الامبريالي القائم على نهب الشعوب وإشعال الحروب. وفي هذا الإطار نؤكد تضامننا الأممي الكامل مع جميع شعوب العالم في نضالها من أجل الحرية والاستقلال.
  • نؤكد تضامننا الكامل مع جميع الأحزاب الشيوعية في العالم في نضالها الوطني والطبقي.
  • ندعو إلى مزيد من التنسيق بين الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية – التي نحن جزء منها – وللنضال المشترك ضد الإمبريالية والاستعمار ووقف التدخلات في شؤون الدول، وفي سبيل القضايا الوطنية والطبقية ومصالح الجماهير الكادحة والشغيلة في جميع أنحاء العالم. ونؤكد تضامننا الكامل مع كوبا المناضلة والشعب الفلسطيني البطل.

وبهذه المناسبة، نتقدم إليكم وإلى جميع القوى والأحزاب الشيوعية واليسارية والتقدمية في العالم التي دعمت صمود بلادنا وقدمت مساعدات لأبناء شعبنا، بالشكر الجزيل والتقدير.

دمشق10/12/2021

                                                                نجم الدين الخريط

الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد

آخر الأخبار