أنقِذوا الصناعات النسيجية!

تشير بيانات وزارة الصناعة إلى تراجع مستمر في عدد المشاريع النسيجية الخاصة المرخصة والمنفذة (عدا تراجع المنشآت غير النظامية) واحتلالها المرتبة الأخيرة بالنسبة للأنشطة الصناعية الأخرى، بعد الغذائية والكيميائية والهندسية. وذلك بعد أن كانت الصناعات النسيجية، لسنوات قريبة، تحتل المرتبة الأولى، سواء لجهة عدد المشاريع والعاملين والصادرات أو المساهمة في الناتج الصناعي.

تراجع الصناعات النسيجية لم يكن فقط بسبب الأزمة ونتائجها، بل ايضاً بسبب العديد من السياسات الاقتصادية، سواء التي اتبعت قبل الأزمة أو التي اتخذت خلالها والتي كانت وماتزال في العديد منها تتسم بالارتجال والتسرع في جزء منها، والتسويف والمماطلة المستمرة في اتخاذ العديد من الإجراءات الضرورية التي يجب اتخاذها من ناحية أخرى.

النشاط الملموس الذي نشهده في هذه الفترة، والمتمثل بإقامة الملتقيات والمعارض الداخلية والمشاركة في المعارض الخارجية واستقبال العديد من الوفود الخارجية، على الرغم من أهميته وضرورته، لا يمكن له وحده معالجة المشاكل التي تعاني منها هذه الصناعات، بل هو ينبغي أن يكون جزءاً من خطة متكاملة تستند إلى تحليل الواقع الراهن لهذه الصناعات، بموضوعية وشفافية، وتحديد المشاكل التي تواجهها ووضع الأولويات الواجب تنفيذها وبرنامجها الزمني.

سورية هي إحدى الدولتين العربيتين، إلى جانب مصر، من بين الدول العربية، تتوافر فيهما كامل حلقات سلسلة إنتاج الصناعات النسيجية من القطن إلى الغزل والنسيج وإنتاج الملابس بأنواعها، وبالتالي فإن الاستفادة من هذه الميزة في سورية تتطلب معالجة المشاكل التي تواجه هذه الصناعات حالياً من خلال مراعاة تكامل هذه الحلقات مع بعضها – وليس على حساب حلقة دون أخرى- بحيث يتم تحديد احتياجات كل حلقة من هذه السلسلة من الحلقة السابقة لها والحلقة اللاحقة لها بما يعزز ويطور تنافسية كل حلقات هذه السلسلة، ومن ثم العمل على معالجة مشاكل الحلقة أو الحلقات الضعيفة أو غير المناسبة بدءاً من نوعية بذار القطن والغزول، مروراً بتكاليف مستلزمات الانتاج الأخرى وخصوصاً الوقود والطاقة بأنواعها وصولاً إلى التمويل والتصدير وبيئة العمل، لتمكين كل حلقة من تلبية متطلبات الحلقات ذات العلاقة سواء بالكمية أو بالجودة وبالأسعار المناسبة، من خلال الإجراءات والتدابير المتكاملة على مستوى كل الحلقات من قبل الجهات المعنية العامة والخاصة وبشكل متوازن دون مجاملة أو محاباة غير موضوعية لأي كان. وأن تقوم هذه الجهات مجتمعة، وقبل التفكير بالدعوة لأي لقاء أو فعالية، بمراجعة ما سبق إقراره والاتفاق عليه، وتحديد ما نُفّذ منه وما لم ينفذ مع بيان المعوقات التي حالت دون ذلك وتحديد مسؤولية عدم التنفيذ، أو البطء فيه، أو التأخر، وتحديد الإجراءات المطلوبة للمعالجة.

كفى الصناعات النسيجية السورية وعوداً ومجاملات! فوضع هذه الصناعة لم يعد يسمح بذلك. ولذلك يجب العمل قبل فوات الأوان للحيلولة دون خسارة المزيد مما تبقى من هذه المنشآت التي لم تهاجر والتي ما تزال تعمل على أمل قدوم ظروف أفضل.

نقلاً عن موقع (الصناعي السوري)

آخر الأخبار