أحداث السويداء.. معاً من أجل السيادة ووحدة الأرض والشعب

النور- خاص:

ما من شك أن بلدنا سورية تمر بظروف صعبة، ويعاني شعبها من تداعيات الأزمة التي ألمّت به، بعواملها الخارجية والداخلية، وقدّم التضحيات الجسام خلال سنوات الجمر ولم تهُن عزيمته، ولم يخِب أمله في أن تخرج سورية الحبيبة من أزمتها دولةً سيّدة حرّة موحّدة أرضاً وشعباً، علمانية، ديمقراطية، لكلّ أبنائها على أساس المواطنة وسيادة القانون.

المعاناة واحدة وإن تعدّدت أسبابها، من شحّ بالموارد المحلية والمستوردة بسبب الحصار الجائر والعقوبات الظالمة، والضغوط السياسية والاقتصادية، ومن سوء إدارة هذه الموارد، ومن الاحتكار ورفع الأسعار والفساد وقلة الخدمات، إلى جانب التصريحات غير المدروسة لبعض المسؤولين التي تستفز المواطنين بعدم واقعيتها وعدم تقديم حلول عملية لمعاناتهم واحتياجاتهم، فكيف يقتنع المواطن بعدم توفر المادة عبر القنوات النظامية، بينما هي تملأ الأكشاك والبسطات داخل المدن وعلى الطرقات وربما برعاية حُماتها الفاسدين؟!

لقد خرج عددٌ من المواطنين في مدينة السويداء منذ يومين، للتعبير بشكل سلمي عن معاناتهم، والمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، وتوفير مستلزمات الحياة المادية والخدمية المحقّة، ورفعوا شعارات محدّدة تتعلق بهذه المطالب مباشرة، وبينما همّوا بالتوجه نحو دار الحكومة كي يرى المسؤولون مطالبهم، سرعان ما انخرط بينهم أشخاصٌ ملامحهم من خارج المحافظة وبعضهم مقنّعون، وأخذوا يهتفون بشعارات (مختلفة) استفزازية، فتدارك المجتمعون ذلك وغيّروا طريقهم، إلا أن المتدخلين الجدد تكاثروا أمام مبنى المحافظة، ولم تحُل قوى الأمن المتواضعة الموجودة في بهو المحافظة من دخول هؤلاء إلى المبنى، فعبثوا بمكاتبه ومحتوياته من أثاث ومستندات ومعاملات، وأضرموا النار فيها، كما أضرموا النار بسيارة حماية حكومية، وألحقوا أضراراً بعدد من السيارات الخاصة المركونة في المكان، وتصدّت قوى الأمن لمنع هؤلاء من الوصول إلى مبنى قيادة الشرطة القريب، وأسفر الصدام عن سقوط ضحيتين (شرطي ومدني) وعدد من الجرحى، وفي الأثناء كان عددٌ من المقنّعين (بلباسهم الأسود) يفرّون راكضين بعيداً عن المكان (باتجاه ساحة تشرين).. وفي الوقت نفسه تعرّضت بعض المحلات البعيدة نسبياً للخلع والسرقة. ويبدو أن هناك من يرمي إلى خلط الأوراق، فمع احتراق السيارة، أقدم بعض المقنّعين على حرق العلم السوري رمز وحدة بلادنا، والعلم الروسي علم الحليف الرئيسي لبلادنا في مواجهة الإرهابيين، مع التنديد بـ(الاحتلال الروسي).

وفي الوقت الذي يتفهّم الكثيرون حقّ المواطنين في التعبير عن معاناتهم بالطرق السلمية والمشروعة، بعد أن ضاقت بهم سبل الحياة الكريمة، فإن التعدي على الأملاك العامة والخاصة واقتحام دار الحكومة، برمزيّته، كانا موضع استياء وإدانة وتنديد واسع من المواطنين والفعاليات الاجتماعية والدينية والسياسية، باعتبار ذلك عملاً تخريبياً لا يمتّ إلى المطالب المشروعة بصلة، وإنما يخدم أجندات المستفيدين منه ومن الأعمال الهادفة إلى إثارة الفتن التي أثبتت الأحداث- بعيدها وقريبها- قدرة أهالي جبل العرب على وأدها في مهدها، ورفضهم لكل محاولات الانعزال التي تتنافى مع إرثهم التاريخي ونضالهم الوطني والقومي الذي كرّسه القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش تحت شعار: (الدين لله والوطن للجميع)، مؤكدين ضرورة أن تقوم الجهات المعنية بدورها بمعاقبة المسبّبين للشغب، الذين استغلّوا الخروج السلمي للمواطنين، وتلبية احتياجات المواطنين المعيشية والأمنية والديمقراطية، وإنجاز تفكيك المجموعات المسلحة، والقضاء على فوضى انتشار السلاح وحصره بيد الجيش والقوات المسلحة، والحزم في مكافحة الفساد، وتطبيق القانون، ووضع حدّ لابتزاز المواطنين بالأتاوات على الحواجز الثابتة والطيّارة، وتضافر جهود الجميع للعمل الجادّ والمسؤول نحو حلٍّ سياسي شامل يُجمع عليه السوريون من خلال مؤتمر وطني يجمع كل مكونات الشعب السوري وأطيافه.

معاً من أجل السيادة ووحدة الأرض والشعب!

آخر الأخبار