افتتاحية العدد 1039 من جريدة “النور” | سيخترعون عقوبات أخرى.. طرد الاحتلال هو الحلّ

لن نستغرب أبداً إذا ما ادّعت الولايات المتحدة يوماً أن زفير المواطنين السوريين يلوّث هواء الكرة الأرضية، ولجأت بعد ذلك إلى معاقبة الغلاف الجوي للكوكب!

مهزلة أخرى تلجأ إليها الإدارة الأمريكية في سعيها إلى تشديد الخناق على السوريين، بذريعة مكافحة تصنيع (الكبتاغون).

في العلن تتباكى الإدارة الأمريكية وحلفاؤها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين السوريين، لكنهم يُمعنون يوماً بعد يوم في زيادة معاناة الشعب السوري بأساليب جديدة ابتكرتها عقولهم المريضة المعادية لأيّ حسّ إنساني.

الإدارات الأمريكية، كما اختبرناها خلال العقود الماضية، لن ترضى إلا بإركاع السوريين الذين يقفوا سداً منيعاً أمام المشروع الأمريكي- الصهيوني لاستباحة الشرق الأوسط..

واليوم، ونحن على أعتاب تحوّل العالم من وحدانية القطب الأمريكي، إلى عالم متعدّد الأقطاب، ستكرّس الإدارة الأمريكية جهودها العسكرية والاقتصادية لمقاومة هذا التحول، لا في القارة الأوربية وحدها فحسب، القارّة التي تئنّ بسبب تبعيتها للسلوك الأمريكي ، بل أيضاً في المناطق الأكثر حساسية على الأمن والاستقرار العالميين، وفي مقدمتها الشرق الأوسط، لذلك فإن ضغوط الإدارة الحالية ستزداد أكثر فأكثر مع توجّه دول العالم وشعوبها إلى اصطفافات جديدة نحو عالم لا تتحكم فيه مصالح ورغبات قطب أوحد يسيطر على السياسة والاقتصاد العالميين، ويمنع دول العالم من اختيار طرق تطورها المستقلة.

السوريون لا يعرفون الاستسلام، هذا ما تدركه الإدارة الأمريكية، لكنها اليوم تضرب (تحت الحزام)، وتلعب على ورقة التجويع والخنق، ومنع الهواء والدواء والدفء.. على ورقة استغلال مآسي السوريين وغضبهم، بعد تردّي أوضاعهم المعيشية بسبب الحصار، وبسبب قصور السياسات الحكومية للتخفيف من آثاره أيضاً، وكذلك بسبب سطوة تجار الحرب والأزمة، ومقتنصي الفرص من الفاسدين، وبعض كبار المحتكرين، الذين يسيطرون على بعض المفاصل الرئيسية في المواقع والأسواق، ويساهمون في زيادة معاناة الفئات الفقيرة التي تبحث اليوم عن اللقمة والدواء والدفء، والذين لم يواجهوا بالردع الكافي، لأسباب غير مفهومة.. وهذا ما نبّهْنا إليه مراراً نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، وطالبنا، وما زلنا نطالب، بقطع الطريق على الأمريكيين ومساعيهم، عن طريق التركيز الحكومي الجدّي، والمُخلص، من أجل تخفيف معاناة المواطنين السوريين المعيشية، وخاصة الفئات الفقيرة، وقدّمنا من أجل ذلك العديد من الاقتراحات، وأكدنا، ومازلنا نؤكد أن صمود سورية وشعبها مرتبط بالجهود المبذولة لتحسين أوضاع السند الرئيسي لهذا الصمود، وهي جماهير الشعب السوري التي لم تقصر يوماً في دعم جيشها الوطني الباسل في مقاومة الإرهاب، ووقفت.. وستقف اليوم أيضاً في المقدمة لمواجهة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي للأراضي السورية.

الأمريكيون يعرقلون كلّ جهد سلمي لحلّ الأزمة السورية، وانتظارُ عطفهم ورأفتهم يعني، حسب اعتقادنا، محاولة لتأبيد الأزمة السورية، وتصعيداً لعذابات المواطنين السوريين، والحل الذي لجأت إليه جميع الشعوب المناضلة من أجل سيادتها هو المقاومة وطرد الاحتلال.

نعم.. طرد الاحتلال وحلفائه وأنصاره، مستخدمين جميع أشكال المقاومة، والطريق إلى ذلك معروف أيضاً، إنه توحيد كلمة السوريين عبر حوار وطني شامل يضم جميع الأطياف السياسية والاجتماعية والإثنية السورية، والتوافق على مقاومة الاحتلال وحل الأزمة السورية، والتطلع إلى رسم المستقبل السوري الديمقراطي.. العلماني.

إنهم يراهنون على صبر السوريين، فلنعمل معاً صفّاً واحداً من أجل إفشال رهانهم.

آخر الأخبار