افتتاحية العدد “1070” من جريدة “النور” | أمريكا تستعدّ لإشعال المنطقة فلنهيئ عوامل المواجهة والصمود

هذا ما تتقنه الإدارات الأمريكية جيداً، حين لا تسير السياسة والاقتصاد العالميّان حسب إيقاع المصالح الأمريكية، وهذا ما سجّله التاريخ الحديث في إشعالها للحروب في حديقتها الخلفية وفي أوربا وآسيا وإفريقيا.

في التطورات الجارية على الصعيد العالمي منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ومفاعيلها السياسية والاقتصادية التي أفرزت اصطفافات إقليمية جديدة معارضة لاستمرار سيطرة القطب الأمريكي الأوحد، من أجل عالم متعدد الأقطاب، ومع لجوء العديد من التجمعات الإقليمية والعالمية إلى رفض سيناريو الإدارة الأمريكية في عزل روسيا، ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية في أوربا وأمريكا، وتراجع شعبية الديمقراطيين قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لجأ بايدن إلى استخدام الأسلوب المحبّب للإدارات الأمريكية.. إنها الحرب.. إنها أنهار الدمار والخراب والمجاعات.. إنها التلويح بالضرب تحت الحزام حتى لحلفاء أمريكا التاريخيين الذين يتطلعون إلى انتهاج طريق مستقل لتطورهم دون دفع (الخوّة) لممثلي طغم المال والسلاح الأمريكيين: (إما معنا.. أو اذهب إلى الجحيم).

هذا ما أبلغه (بلينكن) لقادة الخليج والعرب وتركيا في زيارته الأخيرة للمنطقة، محذراً من مغبة الذهاب إلى التقارب مع سورية إذا ما أرادوا السلام والاستقرار، فقد قررت الإدارة الأمريكية حل المسألة السورية وفق طريقة (بايدن) لتحقيق إنجاز ما قبيل الانتخابات من جانب، ولإحراج روسيا وحلفائها ولتحييد أي مقاومة في المنطقة لمخطط التوسع الصهيوني من جانب آخر.

الأمريكيون استقدموا السلاح المتطور واللوجستيات ومزيداً من القوات، وزوّدوا حلفاءهم في (قسد) وبعض المأجورين من أبناء المنطقة بالسلاح النوعي، والهدف الرئيسي هو تكريس التقسيم، وفصل أجزاء جديدة عن الجسد السوري، وتعقيد الحل السلمي للأزمة السورية، وزيادة معاناة المواطنين السوريين، ومحاولة تفتيت الدولة السورية التي كانت ومازالت تعارض المخطط الأمريكي- الصهيوني للسيطرة على المنطقة العربية بأسرها.

ساعة الصفر لبدء العدوان الأمريكي في المنطقة الشرقية قد تكون أقرب من توقعات المحللين، خاصة بعد عمليات المقاومة ضد الأمريكيين وتفجير منشآتهم ومقرّاتهم منذ أيام.

لقد أكدنا، نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، مراراً أن الحل السياسي هو الطريق الآمن لحل الأزمة السورية، فهو يوفر الدم السوري، ويحافظ على ما تبقّى من منشآت حيوية، ويفتح الآفاق أمام تحسين الأوضاع الاقتصادية، ويخفف من الأعباء المعيشية للمواطنين التي وصلت إلى مستويات مأسوية تنذر بالجوع، لكن الإدارة الأمريكية قررت على ما يبدو حل المسألة السورية وفق طريقة (بايدن).

السوريون لا يعرفون الاستسلام، صحيح أنهم يكرهون الحرب، فقد دفعوا الكثير، على مدى تاريخهم الحديث، من أجل سيادة بلادهم واستقرارها، ولن يفرّطوا بشبر واحد من أرضهم، لكنهم اليوم، في ظل معاناة معيشية مؤلمة، وعجز حكومي عن حل معضلاتهم التي تتفاقم يوماً إثر يوم، يطالبون القيادة السياسية في البلاد بالتركيز على عوامل صمود شعبنا في مواجهة العدوان الأمريكي، ومقاومة الاحتلال الأجنبي، وفي مقدمة هذه العوامل، تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المواطنين، وتوحيد كلمة السوريين عبر الحوار الوطني، ويقفون صفاً واحداً مع جيشهم الوطني على متراس في مواجهة العدوان المرتقب.

إنها مهمّة لا تؤجّل.

آخر الأخبار