شتّي يا دنيي!

محمود هلال:

مع زخات المطر المتفرقة هنا وهناك، ومع هبوب الرياح المحملة بنسمات ناعمة ولسعات البرد الطرية التي تداعب أجسادنا في المساء والصباح الباكر، يمكننا القول لقد أعلن الشتاء قدومه وفي هذا الجو الخريفي، وقد بدأنا، بعد صيف حار، نتلمس رائحة الشتاء، وآن أوان أن نعود إلى خزائننا ونبحث عن ألبستنا الشتوية ونجهز مدافئنا وغيرها استعداداً لموسم الشتاء.

قد يقول قائل: (لِمَ العجلة، وبين تشرين الأول وتشرين الثاني صيف ثاني!)؟ هذا صحيح، لكن هناك من يقول: (الأوان لا يستحي من أوانه) والاستعداد مطلوب، وأنا أقول: هذه الأمطار المتفرقة التي هطلت ما هي إلا إعلان عن حلول الشتاء وبشائر خير بعد سنة من الجفاف عانى فيها الفلاحون والناس ومربّو المواشي من العطش وقلة المرعى، الأمر الذي زاد أعباء مادية ثقيلة أثمان مياه للشرب والزراعة، كما زاد من أسعار الأعلاف للماشية والأبقار والدواجن.

لكن الذي يقلق بال الناس في هذه الأيام وهو الشغل الشاغل لها، هو كيف سيتدبرون أمورهم في تأمين وسائل التدفئة لأولادهم، فإلى الآن هناك الكثير من العائلات لم تحصل حتى على الخمسين ليتر من المازوت (الدفعة الأولى من مخصصات البطاقة الذكية) ويخشون أن لا تكون دفعات أخرى غيرها، علماً أن هذه الدفعة الأولى لا تكفي سوى لبضعة أيام، خاصة في المناطق الجبلية والصحراوية الباردة. ويقلق الناس أيضاً أنهم لا يستطيعون تأمين التدفئة على الحطب مثلاً، فقد ارتفعت أسعاره أيضاً بعد ارتفاع أسعار المازوت في السوق السوداء الذي بلغ سعر الليتر نحو 3500 ل. س، ومعروف أن التدفئة على الكهرباء غير ممكنة لأن الكهرباء تغيب ساعات طويلة وتأتي لساعات قليلة بل لدقائق أحياناً وفق نظام التقنين، وفي بعض المناطق تعمل محطات الكهرباء على نحو ترددي فتأتي الكهرباء على نظام (كل سبعة بلمعة).

أخيراً.. يتضرع الناس عادة إلى الله ليهطل المطر وليعمّ الخير، وباتوا الآن يتضرعون لتهطل رسائل المازوت والغاز على هواتفهم، ولزيادة ساعات وصل التيار الكهربائي وتقليل ساعات التقنين، ويبقى خوف الناس الأكبر هو ألا تقرر الحكومة أي زيادة على الرواتب، وألا يطرأ أي تحسين ملموس للأوضاع المعيشية الصعبة لهم، وأن تبقى جيوبهم خاوية مما يزيد من بردهم ومن سوء أحوالهم ويزيد (طينهم بلّة).

آخر الأخبار