سفاح القربى هل استفحل بسبب تشارك عائلات في السكن ذاته؟

محمد نذير جبر:

لم تعد المرأة تقبل أن تكون الحلقة الأضعف في مختلف الجرائم، بل باتت لها جرائمها وطرائقها الخاصة. عرف التاريخ الكثير من جرائم الأنثى كان عن طريق الغواية والاستدراج بمفاتنها وجمالها وبمكانتها الاجتماعية والتغرير بالرجال وخاصة الشهوانيين. واليوم في ظلِّ ما عانى المجتمع السوري من التشرّد والنزوح شهدنا اختلاطاً عائلياً كبيراً، أي عدّة عائلات في شقّة صغيرة أو في صف مدرسة! سبق ذلك تطور التكنولوجيا ووفرة وسائل التواصل الاجتماعي، ما يتيح للفرد النظر إلى ثقافات عدّة مختلفة، ممّا جعل المجتمع السوري الذي يُعتبر محافظاً بعض الشيء يستورد الأفكار والممارسات التي تروّج لها الدول الأوربية عبر(المواقع الإباحية) وما تعرضه من صور وفيديوهات جنسية بكل أشكالها من الجنس الجماعي والجنس مع الحيوانات والجنس مع المحارم أو مع أفراد العائلة، والتي أُرجّح أن خلفها منظومة عالمية رأسمالية تهدف عبرها إلى الانتشار وتخريب المجتمعات والمعايير الأخلاقية، فبعد أن توافرت تلك الفيديوهات بتنا نشهد حالات تحرّش غريبة على مجتمعنا، منها التصاق الفتيات لأجسادهن بأجساد الشبان والرجال في وسائل النقل العامة بذريعة الازدحام بعض الشيء، ومنها التحرّش الأسري.

وهنا نطرح سؤالاً: الحرب جعلت كثيراً من الشبّان من حملة السلاح وبالتالي يفعلون ما يريدون بما في ذلك تحويل جنبات وأجزاء من الحدائق العامة إلى أماكن دعارة في الهواء الطلق.. فهل تخلّص شعبنا من الكبت الجنسي؟ ومن جهة أخرى ألا نستطيع القول إن الكبت الجنسي ازداد بسبب صعوبة تأمين ثمن منزل مؤثّث أو استئجار منزل مؤثّث بعقد طويل الأمد كعش للزوجية، إضافة إلى تكاليف حفل الزفاف والشبكة والمهر، هذا إن قلنا بإمكانية ادخار شيء من المال في ظلّ هذا الانهيار الاقتصادي، برغم أن هذه الإمكانية لا تعدو حدود الوهم.

لعلَّ التحرش الأسري وسفاح الأقارب سببه سهولة حدوث الأمر في ظلِّ سكن عدّة أُسر في بيت واحد بسبب التهجير، والذي يقابله كما أشرنا صعوبة تأمين سكن يكون بمثابة عش زوجية، ولعلَّ المشكلة الأكبر هي تعرّض من هو طفل أو دون السن القانوني إلى تلك الممارسات دون إدراكه لتبعاتها على مستقبله.

خلاصة القول، لا شيء يدعو للتفاؤل في مجتمع يتمُّ تجويعه حتى يأكل أخلاقه، ثم يتحوّل إلى التوحّش فيأكل أفراده بعضهم بعضاً، يسقط هذا المجتمع في مستنقع تفكّك كل القيم التي تَجمع الناس ويتوافقون عليها كشرط لتحوّلهم من تجمعات بشرية إلى مجتمع، وكما حدث سابقاً ستقع الكارثة لاحقاً وسيكتشف الناس متأخرين أن سورية ليست بخير!! وإن أردنا إعطاء مثال على الانحلال الأخلاقي الذي كشفته وكرّسته سنوات الحرب، نجد أننا أصبحنا نادراً ما نسمع بحالات الاغتصاب لأن كلا الطرفين موافقين، لكن كم من الفساد والهشاشة المجتمعية وانعدام الثقة والتفكّك لأهم نواة في المجتمع ألا وهي الأسرة سنلاحظه إذا انتشرت ظاهرة سفاح الأقارب والتحرّش الجنسي بين الأقارب!؟

آخر الأخبار