افتتاحية العدد 996 من جريدة “النور” | من أجل مصلحة الجميع.. لماذا لا نشرك الجميع؟!

كتب رئيس التحرير بشار المنيّر:

ليست المرة الأولى التي تتفرّد فيها حكوماتنا بانتهاج سياسات تتعلق بالمصالح العليا للمواطنين.. وبالنشاط الاقتصادي للبلاد.. فمنذ عام 2000 حتى اليوم، تصرفت الحكومات وكأنها وحدها تمتلك الحقيقة.. وأن لديها وحدها مفاتيح جميع الأبواب المغلقة، مما جعلها تهمّش آراء خبراء الاقتصاد السوري وخبراتهم ونصائحهم، وجعلها تهمّش أيضاً وتتجاهل اقتراحات القوى السياسية الوطنية.

والعجيب هنا أن الوقائع كانت تؤكد يوماً إثر يوم أن هذه السياسات لم تنعكس برداً وسلاماً، لا على الاقتصاد الوطني.. ولا على المستوى المعيشي للمواطن السوري، لكن هذا الإصرار على التفرّد ما زال ينتقل من حكومة إلى أخرى حتى يومنا هذا:

هل نذكِّر بالتشجيع اللفظي للصناعيين بين أعوام 2005 و2008، ثم، دون أيّ تمهيد، فتح البلاد أمام منتجات العالم بأسره، فتقلصت حصة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي من 11 إلى 6٪؟

هل نذكّر بالتعويل المستمر على الاستثمار والتدفق الخارجي للرساميل الأجنبية، على أساس أنها (ستخرج الزير من البير)، فامتلأت شوارعنا بشركات تأجير السيارات ومصانع العلكة والشامبو؟

هل نذكّر بشعارات التعددية الاقتصادية في التصريحات وأمام الميكروفونات، ثم العمل على تهميش القطاع الصناعي العام، وإهمال إصلاحه وتطويره، فتفرّد بعدئذٍ الرأسمال الريعي بقيادة الاقتصاد الوطني، وصار بعض المسؤولين يتفاخرون بنسب النمو العالية، متجاهلين أن هذه النسب أتت من تدفق الرساميل العقارية والريعية، في الوقت الذي رفعت فيه الصناعة السورية الرايات البيضاء؟

– كنا.. ومازلنا نطالب بإشراك خبراء الاقتصاد السوري في وضع خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإيجاد الحلول لمصاعب الاقتصاد الوطني، وتدني المستوى المعيشي للمواطنين، ومنذ بداية الأزمة ومحاولة الغزو الإرهابي الفاشي عام 2011، طالبنا وما زلنا نطالب بعقد مؤتمر وطني اقتصادي، لوضع سياسات مناسبة للتخفيف من تداعيات الأزمة والحرب، وخاصة مواجهة الحصار الظالم والعقوبات الجائرة التي فرضها التحالف الدولي المعادي لسورية بقيادة الإمبريالية الأمريكية، لكن الآذان كانت من طين..

واليوم ما الذي أظهرته ردود الأفعال على قرارات الحكومة المتسرعة بخصوص (توجيه) الدعم إلى مستحقيه؟

1- شبه إجماع شعبي على رفض هذه القرارات، فالمواطنون السوريون ، بعد 11 عاماً من الجمر، تحوّلوا، باستثناء قلة لا تتجاوز 10 بالمئة، إلى مستحقّين لكل دعم غذائي وصحي واجتماعي وإنساني، والدعم الحكومي واجب على الحكومة بعد التضحيات الكبرى التي قدمتها جميع الفئات الاجتماعية، ما عدا أثرياء الحرب والمستفيدين منها.

2- إن استثناء الأثرياء وتجار الأزمات وغير المحتاجين لهذا الدعم، أي توجيه الدعم إلى المستحقين يجب أن يتم بالاستناد إلى بيانات صحيحة ومدروسة وبهدوء ودون استعجال، لكيلا تثير قرارات الحرمان استهجان المواطنين وسخريتهم واستغرابهم، وهذا ما عبرت عنه فئات المجتمع السوري، وحتى ممثلوهم تحت قبة البرلمان في جلسة الخميس 3/2/2022، إذ رفض من تداخل في هذه الجلسة قرارات الحكومة وبياناتها واستعجالها، ومنهم ممثل حزبنا الشيوعي السوري الموحد الذي أكد ضرورة التراجع عن هذه القرارات، وإعادة دراسة مسألة توجيه الدعم والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، بالاستناد إلى مؤتمر اقتصادي وطني يشارك فيه الجميع، لمصلحة الجميع.

3- إن ردود الأفعال على هذه القرارات المتسرعة، لا يمكن توقعها دائماً، خاصة في مرحلة مواجهة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي، ومحاولة أعداء سورية أخذها من الداخل بعد أن عجزوا عن إركاعها عن طريق الغزو الإرهابي الفاشي.

لا تتفرّدوا باتخاذ قرارات كبرى تمسّ غذاء الجميع ودواءهم ودفأهم!

إنها مصالح الجميع.

آخر الأخبار