افتتاحية العدد 1027 من جريدة “النور” | نعم.. سورية لن تُهزم.. ولكن كيف؟!

واجهت سورية أشرس غزو إرهابي عرفته البشرية، سانده ودعمه بالسلاح والمال تحالفٌ دولي قادته الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوربا والمنطقة العربية والكيان الصهيوني، مستغلّين طموح السوريين إلى إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي. وخلال عشر سنوات كانت بطعم المرار، وقف شعبنا خلف جيشنا الباسل على خط المواجهة، يقاوم مجازر الإرهابيين، ويستردّ معظم الأرض السورية، رافضاً الركوع لمخطط أمريكي صهيوني سعى إلى سحق أيّ مقاومة لشرق أوسط جديد مستباح سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من الكيان الصهيوني، لكن عذابات السوريين لم تنتهِ، فمازالت الإدارة الأمريكية وحلفاؤها يعرقلون أيّ حلٍّ سلمي.. سياسي للأزمة السورية، ومازال الحصار يشتدّ أكثر فأكثر، فيحوّل آمال الشعب السوري بالسيادة والاستقرار ووحدة الأرض والشعب وإعادة إعمار ما خرّبته أيدي الإرهابيين إلى خانة الانتظار، بل إلى خانة الشكّ بأن حرب السياسة والاقتصاد التي تشنّها الإدارة الأمريكية ربما ستكون أكثر شراسة وأشدّ قسوةً في مواجهة طموح السوريين إلى إنهاء أزمتهم، والتفرّغ لإعادة بناء بلادهم.

والسوريون اليوم يخوضون معركة مقاومة الاحتلال وتوفير عوامل استمرار الصمود السوري، وفي الوقت ذاته يستعدون لمواجهة استحقاقات الحلّ السياسي، وذلك بعد عشر سنوات من تضحياتهم وتفانيهم في هزيمة الغزو الإرهابي.

اليوم، رغم الحصار والعقوبات والعرقلة الأمريكية المستمرة لأي جهد سياسي يُبذل لإنهاء الأزمة السورية، علينا الانتصار في هذين الاستحقاقين، ما يتطلب جهوداً مشتركة تبذلها بإخلاص القوى السياسية والاجتماعية، وفي مقدمتها القيادة السياسية للبلاد.

لضمان صمود بلادنا وسيادتها ووحدتها، تبرز اليوم أكثر من أي وقت مضى أهمية الحوار السوري – السوري، هنا في دمشق، فما من مسألة تحلّها البندقية إلا ويحلّها الحوار الديمقراطي البنّاء.

سورية لن تُهزم، لكن علينا تهيئة مستلزمات الانتصار، وليس فقط المقاومة، وهي مسألة اختبرتها تجارب الشعوب التي خاضت حروب السلاح والسلام، وتحولت دولها اليوم إلى دول قطعت أشواطاً هامة على طريق التقدم والسلام والديمقراطية.

كلمة السرّ هنا هي الحوار الشامل بين أطياف الشعب الواحد، والتوافق بين جميع هذه الأطياف السياسية والاجتماعية والدينية والإثنية على وقف نزاعاتها، ووضع الإطار العريض للتوجّهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإنهاء الأزمة في البلاد، وتجنيب جماهير الشعب السوري مزيداً من المآسي والآلام، ووضع ملامح المستقبل السوري الديمقراطي.. العلماني.

في عالم اليوم، الذي تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى إشعاله عن طريق تغذية الفاشية، ومع مخاطر دفعه باتجاه الحرب العالمية الشاملة، وما يسفر عنه هذا السلوك العدواني من تداعيات سياسية وعسكرية واقتصادية، ستنعكس لا محالة على دول العالم وشعوبه، وعلى الوضع في سورية، تصبح الحاجة إلى توحيد كلمة السوريين ضرورة قصوى لا يجوز التهاون في تحقيقها.

صحيح أننا هنا نؤكد على موقفنا نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، لكنه موقف أصبح توجّهاً لجميع القوى السياسية والاجتماعية في البلاد.

الولايات المتحدة تعمل على تقسيم سورية، وتأبيد الأزمة فيها، ودواعش الداخل والمتكسّبون من استمرارها، يُغذّون الاصطفافات الطائفية والقبلية، والفاسدون والمحتكرون يتلاعبون بلقمة جماهير شعبنا ودوائها ودفئها، وشبابنا أصبحت آمالهم معلّقة بالهجرة فقط، وأكثرية أبناء سورية أصبحوا فقراء، ويقاسون الأمرّين لتأمين اللقمة، فأيّ مبررات أخرى تلزمنا كي نلجأ إلى توحيد الكلمة السورية؟! ولتكن رؤية السيد رئيس الجمهورية التي طرحها في عام 2013، بما تضمّنته من إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، هي الإطار العريض لهذا الحوار.

إنه نداء موجّه إلى القيادة السياسية في البلاد، ولكل من يسعى جاهداً لسلامة الوطن، وخلاص الشعب، والغد السوري الوضاء.

آخر الأخبار