افتتاحية العدد 1046 من جريدة “النور” | سورية ستنهض رغم الحروب والكوارث

لم نكن بحاجة إلى كارثة دامية أخرى لإضافة دليل آخر إلى آلاف الأدلة خلال سنوات الجمر، على تعلّق السوريين بوطنهم وسعيهم إلى رؤيته سيداً.. موحداً أرضاً وشعباً.. ملبّياً لطموحاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمكننا اختصارها بوطن حر.. ومواطن موفور الكرامة.

في الزلزال الذي أدمى السوريين، وخلّف آلاف الضحايا وعشرات ألوف المتضررين، عبّر شعبنا، بجميع فئاته الاجتماعية وانتماءاته السياسية والدينية والإثنية والمناطقية، عن حسّه الوطني والإنساني، رغم أحداث الماضي وتداعياتها، وتسابق الجميع بلهفة ما بعدها لهفة، إلى إغاثة المنكوبين في حلب واللاذقية وإدلب وطرطوس وجبلة وحماة.. من درعا جاؤوا، ومن جبل العرب، من الفيحاء ومن حمص، من الجزيرة والقنيطرة، وتحدى الجميع الظروف المعيشية والعوامل الجوية وبُعد المسافات، ليؤكدوا ما قلناه مراراً نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، وما قاله غيرنا أيضاً من السوريين الشرفاء بأن تآلف السوريين ووحدة كلمتهم هي العامل الحاسم في مواجهة الاحتلال وبقايا الإرهاب، والحفاظ على سيادتنا الوطنية، ووحدة الأرض والشعب.

الكارثة السورية الجديدة مسّت المشاعر الإنسانية في بقاع الأرض كافة، واستجابة لنداء حزبنا الشيوعي السوري الموحد ورسالته إلى الأحزاب الشيوعية العالمية، أرسلت هذه الأحزاب رسائل تضامن مع الشعبين السوري والتركي، وأبدت استعدادها للمساعدة وإرسال مواد الإغاثة.

وتسارعت المساعدات من الشعوب الشقيقة.. وحدها الإدارة الأمريكية كانت العائق الوحيد أمام وصول إغاثات شعوب العالم، حتى بعد رفعها الجزئي لبعض عقوباتها الانفرادية على سورية وشعبها، وأكدت بسلوكها هذا إصرارها على الاستمرار في إنهاك الدولة السورية، ورفضها لأي حل سياسي للأزمة التي أدمت السوريين.

هل نحتاج إلى دلائل أخرى لنسعى إلى الخطوة العملية الجدية.. المخلصة من أجل توحيد السوريين عبر حوار وطني شامل، يضم جميع أطيافهم السياسية والاجتماعية والإثنية، للتوافق على إنهاء أزمتنا واسترداد ملفها وآفاق حلولها من أيدي المتدخلين فيها، ورسم خطوات إعادة الإعمار، وإنهاض اقتصادنا الوطني، وإنهاء المعاناة المعيشية التي أرهقت الفئات الفقيرة والمتوسطة سنوات طويلة، ووضع ملامح مستقبل بلادنا الديمقراطي.. العلماني.

السوريون في الوطن والمهاجر، عبّروا عن مشاعرهم تجاه أخوتهم السوريين قولاً وفعلاً، دون النظر إلى انتماءاتهم السياسية والدينية والطائفية، وهذا هو حجر الأساس الذي ستبنى عليه سورية الجديدة.

الرحمة لضحايا الزلزال المدمر الذي زاد أحزان الشعب السوري، والشفاء للجرحى، والتقدير النابع من القلب لفزعة أشقائنا العرب ومساعدتهم.. والمجد.. كل المجد لأبناء سورية الذين أثبتوا مرة أخرى أن سورية وطن الجميع.

من رحم الكوارث والحزن، يولد الأمل..

سورية ستنهض.. ستنهض.

آخر الأخبار