في فصل الشتاء

تمتاز منطقتنا بتنوع فصولها، فنشهد ونعيش الفصول الأربعة، ولكل فصل من هذه الفصول متعته وجماله.

خلال فصل الصيف، تتنزه العائلات وتكون معظم المدارس مغلقة، ما يسمح لجميع أفراد العائلة بالذهاب إلى البحر والتمتع بالسباحة، الرياضة المفضلة لدى معظم الأطفال والأهل أيضاً. ومن لا يذهب إلى البحر يمكنه الذهاب لفترة وجيزة إلى منطقة جبلية ليتمتع بجمال الطبيعة مع عائلته أو أصدقائه ويستمتع بالنسيم العليل.

وهكذا يمكن للجميع أن يستمتعوا بكل فصل وطبيعة طقسه وصولاً إلى فصل الشتاء.

خلال فصل الشتاء، وهو فصل العمل، يكون الجميع منهمكاً بعمله، فالأطفال في المدارس، والأهل في أعمالهم. وقد يكون واحد من أجمل أمور فصل الشتاء اجتماع كل أفراد العائلة في المساء لإنجاز ما هو مطلوب إنجازه، ومن ذلك تناول العشاء أو الدراسة أو بقية الأمو العائلية الأخرى.

إلا أن فصل الشتاء من الفصول المتطلبة لأمور متعددة، مغايرة لبقية الفصول.. فخلال هذا الفصل هناك مسألة التدفئة، وهي مسألة أساسية إلى حد تصبح فيه مسألة حياة أو موت، ليس بالمعنى الحرفي للكلمة، ولكن بالمعنى المجازي، وبخاصة فيما له علاقة بالمسألة الإنتاجية!

مع التغيرات المناخية التي تصيب العالم، والاحتباس الحراري، وما يتبع من أمور بيئة، أصبح فصل الشتاء في منطقتنا أكثر قسوة، وأشد برودة وأقل أمطاراً. وللأسف معظم منازلنا، طبعاً منازل الفقراء والطبقة المتوسطة، التي لم يبقَ منها سوى قلة قليلة تناضل كي لا تفقد موقعها، غير مؤهلة لبرد كهذا ولا لهجمات البرد المفاجئة.

وهنا تكمن الكارثة، والكارثة لا تعني أنهم سوف يموتون جوعاً أو برداً، بل تغيّب كل المسؤولين عما يعانيه هؤلاء وأطفالهم. خلال النهار يمكن تدبر الأمور، وإن كانت الأمور صعبة. فالشتاء بحاجة إلى ملابس تقي البرد، ما يعني أنه لا بد من شراء الحد الأدنى من الألبسة التي تقي من البرد! ويا لها من كارثة! ثمن أتعس النوعيات من الألبسة الشتوية يساوي أكثر من راتب ثلاثة أشهر! أما خلال الليل فتكون الأمور أسوأ لانخفاض درجات الحرارة. أي لا بد من وجود وسيلة تدفئة. وإذا تحدثنا عن المازوت (المدعوم) الموزع فهو لا يكفي لتدفئة ليلتين كأحد أقصى، إن نال المواطن حصته من المازوت المدعوم، وإن أراد شراءه من السوق السوداء، فهذا مستحيل بسبب ثمنه المرتفع. نعم، هناك وسيلة تدفئة أخرى وهي استخدام الكهرباء. وهنا الأمر مستحيل أيضاً، لأن هذا الاختراع غير متوفر! أما الأطفال الذين يجب أن يدرسوا أو يأكلوا في هذا الفصل بعض المأكولات الغنية بالدهون، فهذا الأمر أيضاً غير ممكن لارتفاع أسعار المأكولات عموماً، والدراسة غير ممكنة لانعدام وسائل التدفئة، فضلاً عن غياب الإنارة أو شبه غيابها، لأن الكهرباء، بموجب التقنين الجائر المطبّق، تغيب خمسة أضعاف مدة حضورها أو أكثر!

فأهلاً بفصل الشتاء عند الأغنياء والمسؤولين، ولا أهلاً ولا سهلاً به عند الفقراء ومن تبقّى من الطبقة الوسطى!

آخر الأخبار