افتتاحية العدد 994 من جريدة “النور” | استباقاً لما قد يغضب الصابرين حبّاً

كتب رئيس التحرير بشار المنيّر:

إصرار الشعب السوري على مقاومة الغزو الإرهابي، وحرصه على سيادة بلاده ووحدتها أرضاً وشعباً، ووقوفه خلف جيش أبناء سورية الباسل وتضحياته التي تعجز عن وصفها مفردات اللغات، وصبره (الأبدي) على المعاناة المعيشية التي وصلت إلى مستوى المأساة، في ظل تواضع إجراءات الحكومة لتأمين الحد الأدنى من الغذاء والدفء والدواء، وازدياد الهوّة اتساعاً بين أكثرية تركض وراء الرغيف، وأقلية أثرت وكدّست ملياراتها مستغلّةً ظروف الحرب والحصار الظالم، متمتعة بحماية هذا.. وذاك من أصحاب القرار، في ظل هذه الظروف، كان صوت المواطن يعلو، ويطالب، وينتقد، وبعضهم كان يشتم ويخون، لكن الجميع لاحظ أن رد الحكومة والهيئات القيادية الأخرى كان هادئاً إلا في حالات قليلة.

وأشهد هنا، وأنا رئيس تحرير صحيفة يصدرها الحزب الشيوعي السوري الموحد، يظنها البعض معارضة لما تتضمنه محتوياتها من انتقاد مرفق باقتراحات سهلة لتوجهات الحكومة المتعاقبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منذ إعادة إصدارها في عام 2001 حتى اليوم، وخاصة منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي.. أشهد أن أحداً لم يسألني، أو يعاتبني.. أو يضايقني رغم أني في كثير من الافتتاحيات التي نشرتها تجاوزتُ الرقباء الذين زُرعوا في داخلنا منذ عقود.

ما الذي حصل اليوم؟

لماذا ضاقت الصدور في ظرف تتطلب مصلحة الوطن فيه توسيعها أكثر فأكثر كي تسمع أنين المتألمين، وانتقاد من كانوا على المتاريس خلف جيشهم الباسل؟

لماذا تريدون إثارة فزع الموجوع إذا صرّح بالآه؟

الشعب السوري لا يتعلم السياسة اليوم، لقد كان المعلم، وسيبقى المعلم، ويدرك من خلال قراءته لأي منشور في صحيفة أو رسالة أو صفحة شخصية، المقاصد من ورائه، أي لن تستطيع بضعة أسطر مارقة أن توهن عزيمة شعبنا، ورفضه الفكر الإرهابي هو الدليل، كذلك فإن هيبة الدولة السورية لن ينالها مقال حاقد، فها هي دولتنا باقية بعد أن هزمت كل أحقاد الحاقدين.

لماذا تريدون اليوم اللعب على عوامل أثبتت الوقائع أنها من مستلزمات الصمود السوري في مواجهة الاحتلال والحفاظ على السيادة، وأهمّها الحفاظ على حق المواطن في التعبير عن آرائه؟ ألم يذكر السيد رئيس الجمهورية في إحدى كلماته أنه مع الانتقاد، وأنه شخصياً انتقد أكثر من مرة ممارسات الحكومة؟

الحوار، أيها السادة، يصل بنا إلى أفضل السبل لمواجهة مأساتنا، فالحقيقة ليست في جيوبكم وحدكم، التوجه إلى الآخر واحترامه، وسماع آرائه توصلنا إلى الحقائق التي تستجيب لكل ظرف وزمن.. الحوار الوطني الشامل، والحوار على صفحات التواصل، والتوافق على سبل إنهاء أزمتنا وضمان سيادة وحدة بلادنا وشعبنا.

نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، مع إصدار تشريع يعاقب تزوير الوثائق والبطاقات المصرفية وانتهاك الخصوصيات، لكننا لا نوافق على إدراج مضمون المواد 22 و23 و 24 و 25 في هذا التشريع، لأنها تحد من حرية التعبير التي كفلها الدستور للمواطن السوري، ونؤكد أهمية الإنصات إلى هموم المواطنين السوريين وأوجاعهم وانتقاداتهم واقتراحاتهم المنشورة في جميع وسائل التواصل، لأنها حسب اعتقادنا صادرة عن قلوب صابرة.

فلا تغضبوا الصابرين حبّاً بوطنهم.

مشروع تنظيم النشر على وسائل التواصل الاجتماعي ومكافحة الجرائم المعلوماتية، بصيغته الحالية، ينبغي ألا يمرّ.

آخر الأخبار