فوزي الزعيم 1909

فوزي الزعيم، ابن الشيخ صلاح الدين الزعيم، ولد عام 1909 في حي السمانة بدمشق. كانت شخصيته جذابة، يتمتع بقوة جسمية ويمارس الرياضة في شبابه، درس في مدرسة اللاييك ولم يكمل دراسته.

وصل فوزي الزعيم إلى الحزب الشيوعي، وانتسب إليه عام 1929 عن طريق ناصر حدة. كان جد فوزي الزعيم تزوج امرأة من يبرود، ولهذا أخذ فوزي يتردد وانتسب على يديه إلى الحزب الشيوعي. ولم يمض وقت طويل حتى أصبح فوزي الزعيم أحد أبرز وجوه الحزب في دمشق، وكانت له اتصالات جديدة و(خلطة مع الناس)، واشتهر بتنظيم (المظاهرات الطيارة) والمشاركة فيها.

* نقلاً عن جريدة (البيروتية السيار) عما جرى لفوزي الزعيم أثناء نقله لمناشير شيوعية من بيروت إلى دمشق:

(مساء أمس الثلاثاء (28 تموز 1931) في منتصف الساعة السابعة، وقفت سيارة في ناحية من نواحي الشهداء، ووقف السائق بجانبها ينادي على زحلة، وفيما هو ينتظر وصول الزبائن، تقدم منه رجل يريد الركوب في سيارته. فقال له السائق إن لديه محل لراكبين أيضاً. فأجاب الرجل على الفور: سأدفع أجرة الراكبين أيضاً، وسأسبقك إلى مكان كذا في فرن الشباك. فالحقني بعد قليل. وفي الموعد المضروب ركب الرجل وأمر السائق بأن يسرع.. ولكن سيارة ثانية لحقتهما، وفي شتورة ترجل من السيارة الثانية رجال أمن فرنسيون رافعون بأيديهم المسدسات وهجموا على الرجل واعتقلوه، ووجدوا معه حقيبة مليئة بالمناشير الشيوعية، وتبين أن هذا الرجل هو فوزي الزعيم، طالب في مدارس دمشق.

ذكر آرتين مادويان أنه زار في 7 تموز 1930دمشق برفقة فؤاد الشمالي ووهيب ملك، والتقوا في دمشق بأحد مسؤولي منظمتها فوزي الزعيم وبآخرين، فأبلغونا بانتساب عضو جديد إلى المنظمة هو الشاب خالد بكداش المنهمك في حينه بالامتحانات الرسمية، وتوقعوا له مستقبلاً جيداً في الحزب.

وعندما اعتقل فوزي الزعيم بسبب مشاركته في مظاهرات 1936 كانت تصله إلى السجن المناشير الشيوعية ليوزعها على السجناء، فقد ذكر جورج عويشق أن رشاد عيسى كلفه وعمره لم يتجاوز أربعة عشر ربيعاً إيصال المناشير إلى فوزي في سجن القلعة.

والمهم فيما يخصنا هنا أن فوزي الزعيم قدم للحركة الشيوعية وحركة العمال خدمات جلى غير مكتوبة وغير معروفة، ومنها ما رواه وصفي البني عن أول لقاء له مع فوزي الزعيم في سجن القلعة، قال:

في أحد الأيام لفت نظري شاب منتصب القامة يتحلق حوله عدد من الشباب يسمعون أقواله، وكان عندي فكرة مسبقة عن الشيوعية بأنها ضد القومية والوطنية والأخلاق، فاقتربت لأسمع ما يقوله هذا الشاب، الذي يسمم الأفكار، وإذا بي أسمع كلاماً منطقياً وطنياً جريئاً واضحاً. أخذت بهذا الكلام وصرنا صديقين ننام في السجن متجاورين، وقد سحرتني أحاديثه وقارنت بين رجولته وميوعة بعض المعتقلين المشاركين في الإضرابات. وذات مرة كنا في (التنفس) ووراء الأسلاك الشائكة جنود من قوميات مختلفة يخدمون في  الجيش الفرنسي، وأخذ فوزي الزعيم يتكلم معهم (بالفرنسية) بشكل جريء، محرضاً إياهم على التمرد على  السلطة الاستعمارية، وقائلاً لهم: (أنتم تعملون مع الاستعمار، أنتم تعملون ضد شعبكم).. أثرت فيّ كلمات فوزي الزعيم البسيطة هذه وبدأت مشاعري تتجه نحو الشيوعية.

كان فوزي الزعيم حتى بداية الأربعينيات أحد أبرز وجوه الحزب في دمشق، ولعب دوراً بارزاً في تقوية منظمة دمشق وتوسيعها، بإدخال عدد من العمال والحرفيين فيها، وكان حي السمانة، حيث كانت تقيم عائلة فوزي الزعيم، أحد حصون الحزب في دمشق بعد حي الأكراد. وخلال هذه الفترة كان هو المسؤول عن تنظيم احتفالات الحزب بالمناسبات الحزبية أو الوطنية.

في بداية الأربعينيات وخاصة بعد معركة ستالينغراد واستسلام الجيوش النازية، توسع نشاط الحزب الشيوعي في سورية، وأخذت الأفكار الماركسية تزداد انتشاراً بين المثقفين، وقد التفّت نخبة منهم حول الحزب الشيوعي وانتظموا في حلقات لمناقشة الأفكار الاشتراكية، وقد انضم إلى الحزب عدد من المحامين والأطباء والمهندسين والأساتذة والمعلمين.

وينقل زياد الملا عن الشيوعيين القدامى، ومنهم منير سليمان، أن فوزي الزعيم كان في باريس عند حدوث انقلاب حسني الزعيم (عم فوزي)، وكيف طلب حسني الزعيم من ممثل سورية في باريس أن يدفع إلى فوزي راتباً شهرياً ممتازاً، ورفض فوزي هذا العرض المغري، علماً أن أحواله المالية كانت سيئة، وقال بغضب لممثل سورية الدبلوماسي: كيف آخذ هذا المال ورفاقي في السجون السورية يعانون الأمرّين؟

آخر الأخبار