موريس صليبي (1921-1998)

في المؤتمر السابع الموحد للحزب الشيوعي السوري (1991) أعلنت هيئة رئاسة المؤتمر أن الرفيق موريس صليبي (أبو جلال) أبلغها أنه لن يرشح نفسه لعضوية المكتب السياسي.. فضجّت قاعة المؤتمر بالتصفيق، وبكى بعض الرفاق والرفيقات تأثّراً، فقد كان ذلك القرار سابقة شجاعة لم تعهدها الأحزاب السورية، ومنها الحزب الشيوعي، ولكن الرفيق موريس تابع، بعد ذلك، نضاله ونشاطه في اللجنة المركزية للحزب، وواظب على عمله في (نضال الشعب) جريدة الحزب المركزية.

 

موريس صليبي، الذي ولد في حمص 1921 وتعلم في مدارسها، وعلّم فيها قبل أن ينال الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق، عمل محامياً منذ عام 1949 فكان صوته عالياً،في محاكم حمص ودمشق، دفاعاً عن حقوق العمال والفلاحين، مثلما دافع عن الحرية والديمقراطية والمساواة، تحت قبة البرلمان، حين كان أحد ممثلي الحزب في مجلس الشعب، وكرّس جهوده وطاقاته أيضاً للدفاع عن سيادة البلاد ضد التهديدات الإمبريالية والإسرائيلية.

انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري عام 1941 وناضل في ظروف النضال السري حين كان المناضلون يضعون دماءهم على أكفهم، وكان مثالاً في المبدئية والالتزام، فكلف بقيادة منظمات الحزب في اللاذقية وطرطوس وحمص، وفي فترة القمع الشديد والاعتقالات، أيام الوحدة، كان مسؤولاً عن منظمة العاصمة دمشق.

عمل أبو جلال، في الخمسينيات، محرراً في جريدة (النور) إلى جانب الرفيق فرج الله الحلو، ومثّل الحزب في عام ،1965 في مجلة (قضايا السلم والاشتراكية) لعدة سنوات، وبعد عودته انتخب في مؤتمرات الحزب عضواً في اللجنة المركزية للحزب، كما انتخب عضواً في مكتبها السياسي، وكان عضواً دائماً في هيئة تحرير (نضال الشعب)، واستمر حتى اللحظات الأخيرة من حياته، يكتب فيها ويغنيها بمقالاته وتعليقاته.

أبو جلال، كان واحداً من الرجال الرجال، مبدئياً في قضايا الوطن والشعب والحزب، ترتقي مبدئيته إلى مرتبة العناد، لكنه كان أيضاً مرناً مرونة مبدئية.

انتسب مثل كثيرين، إلى قضية العدالة، لأنها كانت هاجسه الدائم، ولأن وراءها معسكراً عالمياً يتبناها، وحين انهار ذلك المعسكر تبلبل كثيرون وكثيرات، وتخلى بعضهم عن القضية، أما موريس فكان أحد الرجال الشجعان الذين زادوا التحامهم بها. كان يرى الانتصارات الكبرى، فلا ينسى في غمرة الفرح ما لم يُنجز بعد، ويرى الانهيارات الكبرى والنكسات، فلا يجزع ولا يرتبك، بل يركز فكره على ما لم يُدمّر بعد، فيرعاه ليكبر.

وعُرف عنه أنه كان يُشرك الناس في فرحه، أما الآلام والمصاعب فيحتملها صامتاً!

آخر الأخبار