ناصر حدّة (1906-1973) أبرز مؤسسي الحزب الشيوعي السوري

في يبرود، التي تبعد عن دمشق شمالاً نحو 60 كم، ولد ناصر حدّة عام 1906 وكان والده (محمود حدة) يملك أرضاً زراعية، ويمارس التجارة، فتمكّن من تعليم أولاده.

في صيف 1928 جاء من زحلة إلى دمشق هيكازون بوياجيان، موفداً من قيادة الحزب الشيوعي للإسهام في تأسيس منظمات للحزب، ونجح خلال فترة قصيرة في تشكيل فرقتين من عمال النسيج، وفي الفترة نفسها انضم إلى منظمة الحزب الشيوعي بدمشق الرفاق علي خلقي، بشير فلاحة مصطفى، شفيق داود آغا، ناصر حدّة، فوزي الزعيم، نظمي الرفاعي، عبد القادر عباس..

ناصر حدّة، واحد من أبرز مؤسسي منظمات الحزب الشيوعي في سورية، وكان المسؤول القيادي الأول للحزب في سورية، على مدى سنوات التأسيس الأولى..

ميزته الأبرز أنه كان شيوعياً ملتزماً، وشخصية مرموقة، يملك القدرة على الحوار، صدره متسع للنقاش، يعير آراء الرفاق المزيد من الانتباه، إن انتقد، فنقده ليس للتيئيس وإضعاف الثقة بالنفس، بل للتشجيع، ولرفع المستوى، كان ضليعاً في اللغة العربية، ويجيد الفرنسية.

قال عنه نقولا شاوي: (ليس مناضلاً عادياً، إنه يتمتع بقدرة على إجراء أوسع الصلات، لا مع الشخصيات السياسية والاجتماعية فحسب، بل ومع الجماهير الشعبية. ولقد رأيت كيف أن الكثير من أهل قريته ومن منطقة النبك، كانوا يأتون إليه في دمشق، عارضين قضاياهم ومشاكلهم، وكان يعمل بسرعة على مساعدتهم لحلها، كان يتحدث معهم بالكلام الذي يفهمونه.. حتى باللهجات التي ينطقون بها).

جذب ناصر حدّة إلى الحزب شابين لامعين: خالد بكداش، وفرج الله الحلو، وأولاهما عنايته واهتمامه، لأنه توسّم فيهما الخير للحزب والوطن. وقد أُوفد الاثنان إلى موسكو للدراسة الحزبية عام 1933 وكان ذلك بالتنسيق مع ممثلي الكومنترن حسبما كان سائداً آنذاك.

عاد فرج الله بعد الدراسة، وكلّف بالعمل في منظمة حلب، واعتقل أثناء الإضراب الستيني (1936) بدمشق، وأُبعد إلى لبنان.

أما خالد بكداش فعاد أوائل عام 1937 وعقدت اللجنة المركزية للحزب اجتماعاً موسعاً أعلن في ختامه خالد بكداش أميناً عاماً للحزب، ولم يكن ناصر حدة في قائمة القيادة التي انتخبها الاجتماع.

فضّل ناصر حدّة أن يبتعد عن الأضواء، بعد أن ساهم في توسيع الحركة الشيوعية وتوطيدها في سورية ولبنان، وقد عمل بجدّ وصبر، دون كلل، في ظروف العمل السري، لخلق قاعدة جماهيرية للحزب في سورية، وخاصة في منطقة النبك.

ربطته بسليم خياطة علاقة صداقة متينة

أبرز نجاحاته في تلك الفترة إسهامه في عقد مؤتمر زحلة (1934) بعد التحضير له، الذي شارك فيه نخبة من المثقفين العرب آنذاك، وكان قبل ذلك قد شجع خالد بكداش على ترجمة (البيان الشيوعي) عن الفرنسية، وناقش معه كثيراً من أفكاره (1933).

عمل ناصر حدّة بعد ذلك في الزراعة، وتنقّل بين يبرود والقامشلي ودمشق، وأينما حل، كان موضع احترام وتقدير، فقد كان بيته في القامشلي -حسبما يروي إسكندر نعمة- منتدى وملتقى الكثير من رجال المدينة، ومن الوافدين إليها من دمشق وريفها.

توفي أواخر 1973 ودفن في بلدته يبرود، مخلّفاً ثلاثة أولاد: عمر، سعيد، همام.

آخر الأخبار