منظمة جرمانا للحزب الشيوعي السوري الموحد .. خمسون عاماً: نشاطات مميّزة.. مبادرات لافتة.. حضور قويّ

كان عدد سكان جرمانا آنذاك بحدود ثلاثة آلاف نسمة، أكثر من ثلاثمئة منهم كانوا مشاركين دائمين في معارك الثورة، وسقط من أبنائها، في معارك الثورة السورية الكبرى، خمسون شهيداً.

وقد كان في جرمانا، في خمسينيات القرن الماضي، حسبما يذكر قُدامى الشيوعيين فيها، مَن انتسبوا إلى الحزب الشيوعي السوري وحملوا بطاقات حزبية، وصار فيها منظمة (مستقلّة) ولجنة فرعية في الشهر الأول من عام 1973.

والشيوعيون في جرمانا اليوم موزّعين تنظيمياً في عدّة أحزاب (الحزب الشيوعي السوري، الحزب الشيوعي السوري الموحد، حزب الإرادة الشعبية، …وغيرها)، وعددٌ منهم غير ملتزم تنظيمياً، لكنّهم، غالباً، يشاركون في نشاطات المنظمات الموجودة، أو بالحدّ الأدنى يتابعون صحافتها، وما زال معظمهم محافظاً على مبدئيته وقناعاته.

في هذه المادّة، نعرض هنا لمحات من التاريخ المجيد للشيوعيين في جرمانا، ونركّز خصوصاً على منظمة جرمانا للحزب الشيوعي السوري الموحد:

 

مــنــظّــمــتــنــا الـتـي بـهـــــا نـعـتــزّ!

مضى خمسون عاماً على تشكيل منظمة للشيوعيين في جرمانا، بعد أن كانوا موزّعين في فرق ضمن منظمة الطبّالة (دمشق)، وجرى تعيين لجنة فرعية تقودها، وتتبع للّجنة المنطقية لريف دمشق.

فكيف كان دور هذه المنظمة ونشاطها، وما الذي يميّزها اليوم؟

  • فيها أقدم رفيقين شيوعيَّين لم ينقطعا يوماً عن الالتزام التنظيمي: ثليج مكنّا، وعارف أبو حرب (انتسبا للحزب قبل 1970).
  • أقامت المنظمة التي لم تكمل السنة الثانية من عمرها، في الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب (تشرين الأول 1974) احتفالاً ليلياً ضخماً، حضره أكثر من مئة من الأصدقاء، في بستان بأول كرم صمادي.
  • الشيوعيون في جرمانا رسّخوا تقليد الاحتفال بعيد المرأة وعيد الأمّ، ولهم مبادراتٌ واضحة في عيد الجلاء، وعيد الشهداء.
  • الشيوعيون في جرمانا هم الذين ، بعد قرار إسرائيل ضمّ الجولان في كانون الأول 1981، رسّخوا تقليد الرحلة إلى الجولان في ذكرى الجلاء، وصارت هذه الرحلة تقليداً في كثير من منظمات الحزب في المحافظات، في عيد الجلاء، على مدى سنوات. وأحياناً كنّا نذهب مرّتَين سنوياً: في 14 شباط (ذكرى الإضراب)، وفي 17 نيسان (عيد الجلاء). وكان الشيوعيون وأصدقاؤهم يحشدون عشرات الباصات في هذه الرحلة التي يشارك فيها: شباب، طلاب جامعيون وثانوي، عائلات.
  • شارك معظم الرفاق من المنظمة في أعمال تحضير قاعات الاحتفالات المركزية (في ذكرى تأسيس الحزب، في الأول من أيار، في عيد الجلاء …إلخ)، وفي المؤتمرات العامة للحزب (تعليق اللافتات والشعارات، ترتيب الكراسي والطاولات، أعمال التنظيم …)، وكانوا بأغانيهم الوطنية الجماعية أثناء العمل يثيرون جوّاً حماسيّاً مميّزاً.
  • للمنظمة، وللشيوعيين عموماً، حضورٌ فاعل في مدينة جرمانا، ولكلّ واحد من الرفاق تقريباً، وللمنظمة، علاقاتٌ واسعة ومتنوعة، مع قوى سياسية وفعاليات اجتماعية ودينية وشخصيات مؤثرة في جرمانا (البعث وأحزاب الجبهة، قوى يسارية، شيوعيين خارج الأحزاب، مثقفين، أساتذة جامعيين، رجال دين ووجهاء، فعاليات تراثية، …).
  • وللمنظمة أيضاً تمثيلٌ في مجلس المدينة ، برفيق واحد، وحضور فاعل. وأحد الرفاق مكلّف من اللجنة المنطقية بتمثيلها في اللجنة الجبهوية للغوطة الشرقية، ورفيق آخر كان عضو مكتب تنفيذي لاتحاد الحرفيين في ريف دمشق، وعددٌ من الرفاق كانوا نشيطين في النقابات قبل تقاعدهم، وبعضهم كان ينجح في الانتخابات النقابية من خارج قوائم الجبهة.
  • للمنظمة علاقة جيدة وحضور فاعل في المركز الثقافي العربي بجرمانا، وأقمنا فيه ندوات ومحاضرات مميّزة، وفي كلٍّ منها كانت قاعة المركز لا تتسع للحضور، فيبقى بعض الرفاق والأصدقاء واقفين، وكانت تدور فيها نقاشات غنيّة وواسعة.
  • على مدى عشر سنوات تقريباً، ظلّت اللجنة المركزية للحزب تعقد اجتماعاتها ، في بيت أحد الرفاق في جرمانا، قبل أن يجري الاتفاق على عقدها في قاعة اتحاد عمال دمشق، وكان عددٌ من الرفاق من المنظمة يساعدون دوماً في إحضار الكراسي والطاولات وترتيبها، وغير ذلك من مستلزمات الاجتماع.
  • منظمة جرمانا للحزب الشيوعي السوري الموحد، بمبادرة منها وبالتنسيق مع قيادة الحزب، استضافت وفوداً (عشرين مندوباً) من الأحزاب الشيوعية التي دعاها الحزب عام 2009، للتضامن مع الشعب الفلسطيني ضد جرائم الاحتلال الصهيوني، وأقامت لهم سهرة احتفالية مازال صداها يتردّد في جرمانا إلى اليوم، وخاصّة لدى من حضرها، وكذلك لدى الضيوف، وقد قدّمنا لكلٍّ منهم هديّة (كتاب: جرمانا جارة الفيحاء، في علبة موزاييك).
  • لأكثر من دورة كان يمثّل منظمة جرمانا في اللجنة المنطقية لريف دمشق رفيقان، وأحياناً رفيق واحد، وكان عدّة رفاق من منظمة جرمانا مندوبين فاعلين عن ريف دمشق في المؤتمر السابع الموحد، وحضر منها مندوب أو أكثر في كلٍّ من المؤتمر الثامن، والتاسع، والعاشر، والحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وانتُخب رفيقٌ واحد من المنظمة في المؤتمر الحادي عشر (2011) عضو لجنة مركزية للحزب، وكذلك في المؤتمر الثاني عشر.

وصار الرفيق عارف عضو مجلس محافظة ريف دمشق لدورتين (ضمن قوائم الوحدة الوطنية)، وكان له دورٌ فاعل فيه.

  • رسّخنا في المنظمة وفي اللجنة الفرعية أسلوب العمل الجماعي، واحترام تنوّع الآراء، ودوماً لنا مساهمة فاعلة في اجتماعات الكادر المنطقي وفي المؤتمرات الحزبية.
  • غالباً نوجّه رسائل إلى المكتب السياسي، أو اللجنة المركزية، أو لجنة الرقابة، تتضمن آراءنا وملاحظاتنا واقتراحاتنا، فيما يتعلّق بالأحداث، أو الرسائل السياسية، وكذلك في مناقشة مشاريع الوثائق للمؤتمرات.
  • العاملون من المنظمة في جريدة (النور) كانوا، قبل أن تتوقف الجريدة عن الصدور ورقياً، 4 رفاق، وامتيازاتهم التي يحسدهم عليها بعض الرفاق: عمل على مدى الأسبوع، رواتب متدنّية، يوزّعون أعداداً من الجريدة إضافة إلى حصّة المنظمة، تأمين الاشتراكات، تأمين كتّاب ومراسلين للجريدة، كتابة أخبار ومطالب للجريدة تخصّ جرمانا، أو ريف دمشق، وكنّا ننشر في (النور) أخباراً عن نشاطاتنا.
  • كانت المنظمة، خاصّةً في السبعينيات والثمانينيات، نشيطة في إعداد العرائض، وتوقيعها من عشرات المواطنين، وأحياناً من المئات، وتقديمها ومتابعة تنفيذها، تضمّنت العرائض مطالب خدمية متنوعة، وقد تحقّق كثيرٌ منها:
  • إنشاء خطّ أو أكثر لباصات الشركة العامة للنقل الداخلي، من جرمانا إلى باب توما، وإلى البرامكة، وتسيير باصات الشركة ذهاباً وإياباً، وخصوصاً في ساعات الذروة.
  • تسقيف نهر العقرباني المارّ بين البيوت والأحياء.
  • إنشاء الفرن الآلي بجرمانا.
  • اعتراض على رفع أسعار المازوت والمشتقات النفطية.

وفي هذا النشاط كانت تواجه الرفاق مصاعب ومواقف واعتراضات وتهديدات ممّن لديهم صلات بالأجهزة، في ظل حالة الطوارئ السائدة آنذاك.

  • التزمت المنظمة دائماً بالتوجهات التي تحدّدها الرسائل السياسية الداخلية، ومقرّرات المؤتمرات ووثائقها، واجتماعات اللجنة المركزية، وبلاغات المكتب السياسي.
  • علاقاتنا بالمثقفين في جرمانا جيدة، وفي المنظمة تنوّع في التركيب الطبقي: ففيها أكثر من عامل تعلّم القراءة والكتابة في الحزب بعد انتسابه، وفيها خرّيجو معاهد متوسطة، وحمَلة إجازات جامعية.
  • للمنظمة على امتداد الخمسين سنة من عمرها مبادرات تركت صدىً مميّزاً بين الأهالي:
  • إنجاز تمديد الصرف الصحّي في حيّ النهضة (وهو حيّ شعبي مزدحم ومعروف سابقاً باسم بنغلاديش)، بأسلوب العمل الشعبي التطوعي، في أواسط السبعينيات، وكان الرفاق والزملاء من منظمة اتحاد الشباب الديمقراطي السوري في مقدمة العاملين.
  • بعد أن تكرّرت حوادث سقوط أطفال وكبار في السن، في نهر العقرباني المكشوف الذي يخترق البلدة (وهو أحد فروع بردى)، تدارست المنظمة الوضع، وطلبت من ممثل المنظمة في مجلس البلدة، في الثمانينيات، أن يقدّم اقتراحاً بتسقيف نهر العقرباني، من أول جرمانا إلى آخرها، وبعد أن واجه الاقتراح اعتراضات واستهجاناً في البداية، أقرّه المجلس وبدأ تسقيف النهر وإنجازه على مدى سنوات، تبعاً لموازنة المجلس.
  • رسّخنا تقليد زيارة المجاهدين من المشاركين في الثورة السورية الكبرى، وكذلك زيارة أُسر الشهداء، في عيد الشهداء، ووضع أكاليل الورد على النصب التذكاري للشهداء في ساحة الشهداء، بالتنسيق والتعاون مع الفرق الحزبية، ومع مجلس المدينة، وممثّلي القوى السياسية في المدينة.
  • ويفخر الشيوعيون، والمنظمة طبعاً، بالشهيد الشيوعي حكمت القطان، الذي كان طالباً في سنة التخرج في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، وتطوّع في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، واستُشهد وهو يقاتل على أرض لبنان، عام 1983، في مواجهة المارينز الأمريكي والعدوان الصهيوني.
  • مرفق:

(صورة الشهيد حكمت القطان، صورة نصب الشهداء، صورة من احتفال الأحزاب).

آخر الأخبار