افتتاحية (النور) .. فتح الملفات وإغلاقها وفق المصالح الأمريكية – الصهيونية

(النور):
ما الذي تغيّر في السلوك السياسي للإدارة الأمريكية بعد وصول ترامب إلى المكتب البيضاوي؟
خلال عقود كانت الإدارات الأمريكية تتعامل مع الملفات الشائكة في المناطق التي تشكل (مصالحها) الحيوية وفق أساليب السماسرة. تبدأ بالتلميح، ثم الوسطاء، ثم الترغيب والوعيد، وكانت في كثير من الأحيان تعمل على تغيير الأنظمة بهدف تحقيق أهدافها.
ما الذي تغيّر اليوم في السلوك السياسي الأمريكي بعد أن عاد ترامب؟
ترامب الذي فتح جميع الملفات دفعة واحدة، ويهدد الجميع بوجوب إغلاقها وفق إرادة أمريكا ومصالحها، وبالسرعة القصوى.. (لا وقت لدينا)؟
لقد هدد أوربا بملفات التسلح، وراوغ في وقف الحرب الروسية الأوكرانية، وهدد روسيا والصين إذا لم يخضعا لأمريكا (سيدة) السياسة والاقتصاد العالميين، ووضع أمام المنطقة العربية والشرق الأوسط طريقاً واحداً عليهم أن يعبروه، أن يسلّموا جميع المفاتيح لأمريكا والكيان الصهيوني!
ما يمكن استنتاجه من هذا التغيير في عهد ترامب الثاني، أن أمريكا تستشعر الخطر أكثر من أيّ وقت مضى، والمسألة هنا ليست باتجاه واحد. ففي الجانب السياسي يعلم الأمريكيون جيداً أن شعوب العالم لا تريد الحروب، ولا بؤر التوتر التي تزرعها أمريكا، بل تبحث عن السلام والاستقرار وتنمية مقدراتها وتحسين ظروفها الاقتصادية والمعيشية وفق خياراتها المستقلة.. أما في الجانب الاقتصادي، فالأمريكيون يدركون تماماً أن زعامة بلادهم للاقتصاد العالمي ولّى زمانها أمام صعود قوى عالمية وإقليمية قادرة على إحداث فارق كبير في تطوير الاقتصاد العالمي دون عصا الزعامة الأمريكية.
ما يهمنا هنا ملفات (تاريخية) فتحتها أمريكا في فلسطين وسورية ولبنان، وتسعى إلى إنهائها بسرعة الضوء (لا وقت لدينا)؟
ملف معاهدة السلام بين سورية والكيان الصهيوني.
ملف لبنان وسلاح حزب الله.
ملف (قسد) وحقوق الشعب الكردي.
ملف غزة وتهجير الشعب الفلسطيني.
الأمريكيون وحلفاؤهم يتحركون بسرعة.. لا وقت لدينا. الوسطاء ينتقلون من عاصمة إلى أخرى، ويطلقون تصريحات (متفائلة). مبعوث ترامب السيد باراك يدلي بتصريحات (العارف) بكل الأمور الجارية، فهو يقول للبنانيين: عليكم بالإسراع في تنفيذ المطالب الأمريكية ونزع سلاح المقاومة اللبنانية.. لا وقت لدينا، وإلا فستعودون منطقة من بلاد الشام!
ويقول لـ(قسد): عليكم الالتزام بما تطرحه الحكومة السورية، ثم (يبشر) السوريين بأن محادثات تجري لإتمام معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني.. وبسرعة.. لا وقت لدينا.
نقول نحن أيضاً: لا وقت لدينا..
فالشعب السوري بعد سنوات الجمر القاسية يحتاج إلى سلم أهلي.. ومصالحة وطنية شاملة، وتحقيق طموحاته القديمة الجديدة بدولة مدنية ديمقراطية تضم جميع السوريين استناداً إلى عقد جديد يساوي بين الجميع دون النظر إلى الدين والجنس والأصل والمعتقد.
يحتاج شعبنا إلى سلام حقيقي وعادل يعيد الأرض السورية المحتلة إلى حضن الوطن، ويحقق المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير وإنشاء دولته على التراب الفلسطيني.
أمريكا تفتح اليوم الملفات.. لكن إنهاءها يجب أن تحدده مصالح الشعوب في فلسطين وسورية ولبنان، لا مصالح أمريكا والكيان الصهيوني.

آخر الأخبار