(الشيوعي السوري الموحد) في رسالة سياسية: تعزيز صمود الشعب بحل قضاياه السياسية والاقتصادية والاجتماعي

وجه المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد رسالة سياسية حول آخر التطورات، إلى جميع منظمات الحزب وأعضائه وأصدقائه، هذا نصها:

الرفاق والرفيقات الأعزاء!

الوضع الداخلي

بعد إنجاز الاستحقاق الدستوري، وانتخاب رئيس الجمهورية، ارتفعت آمال الجماهير والقوى السياسية والاجتماعية بتحقيق مطالبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية.

 

إلا أنه على أرض الواقع لم تتحقق هذه الآمال، مع إصرار شعبنا على الدفاع عن سورية ضد الحلف الاستعماري الرجعي، وتطهير البلاد من المجموعات المسلحة ومكافحة الإرهاب، والسير في هذه العملية جنباً إلى جنب مع مساعي الحل السياسي، من خلال المصالحات الوطنية، وإطلاق الحوار الوطني الشامل مما يحفظ لسورية سيادتها واستقلالها وكرامتها الوطنية، وإطلاق الحريات الديمقراطية، لتحقيق نظام تعددي ديمقراطي، علماني.

 

إننا ندرك ونقدر الصعوبات التي تفرض على شعبنا من حصار، وعقوبات، وإرهاب، وانتقام، ولكننا لا نفهم تمسّك البعض بعقلية احتكار السلطة، وتفصيل الإصلاح على مقاساته، ومحاولة تمرير تشريعات وقوانين لا تصب في مصلحة جماهير العمال والفلاحين والكادحين، ولا نفهم ارتفاع سقف الفساد في ظل الأزمة وفلتان الأسعار، ولا ازدياد عصابات التشليح والسلب على الطرق العامة، وبعض الارتكابات والتعقيدات على الحواجز، مما يوحي بأن البعض مستفيد من استمرار الأزمة.

وقد قدمت الحكومة الحالية نفسها على أنها حكومة تخفيف حدة الأزمة والمصالحات الوطنية، فلا هي أدارت الأزمة بنجاح ولا أحاطت بها، ولا أنجزت المصالحات الوطنية، التي تسير ببطء شديد، وبعرقلة هنا وهناك، وما العفو الرئاسي الأخير، وعرقلة تنفيذه بشفافية وسرعة، وإشاعة روح العفو والتسامح إلا خير دليل على ذلك، ولم تنجز بشكل نهائي أياً من ملفات الخدمات من كهرباء، وماء، وضبط للأسعار بما يتناسب وصمود شعبنا، وتضحيات جيشنا العربي السوري الباسل. وما نخشاه حالة الإحباط لدى الجماهير، لا من المسلحين والإرهابيين، بل من شكل المعالجات البطيء.

في الوضع الميداني العسكري

حقق الجيش العربي السوري، وصمود شعبنا، إنجازات ملموسة على الأرض، في القلمون، والغوطة الشرقية، حلب، اللاذقية، درعا، مما أربك داعمي الإرهاب ومموليه في سورية من أمريكا والدول الغربية وتركيا والأنظمة الرجعية . و(فنتازيا) أوباما خير دليل على هذا الإرباك.

الوضع الإقليمي والدولي

صدرت بعض الدراسات والتصريحات الغربية أن أمريكا ستتجه شرقاً، لأن معركتها الفعلية القادمة هي مع الصين، اقتصادياً وعسكرياً.

إلا أن موجبات عدم التخلي الأمريكي عن المنطقة أقوى من هذه الدراسات والتصريحات خاصة من الناحية الجيوسياسية وتأمين الطاقة، وأمن إسرائيل.

وربما تعمل بالاتجاهين معاً: البقاء في الشرق الاوسط والتمدد نحو الشرق الآسيوي، وما كان الإعلان عن دولة (الخلافة الإسلامية) ليتم لولا المباركة الأمريكية ومباركة حلفائها في المنطقة، وربما الهدف من ذلك هو تهديد روسيا والصين وإيران معاً وإشغالها. وللخلاص من الإحراج والفشل في الملفين السوري والعراقي، وبالتالي أخذ دور العراب في مكافحة الإرهاب وإيجاد الحلول والتنازلات التي تناسبها، ومصلحة حلفائها وخاصة إسرائيل.

ولا ننكر أن اندفاعة (داعش) خلطت الأوراق، وما قبلها ليس كما بعدها.

العراق

أنتج الاحتلال الأمريكي حرباً طائفية، ونظام المحاصصة، مما أدى إلى نظام طائفي، وتدخلات خارجية، وضعف في بنية الدولة، وخاصة الجيش والأمن، وبالتالي فإن الوضع الداخلي العراقي والانقسامات السياسية والطائفية جعلته بيئة حاضنة للتدخل الخارجي، وحُمّل رئيس الوزراء (المالكي) وحده كل هذه المشاكل التي أفرزها الاحتلال الأمريكي، وكان لتواطؤ بعض القوى السياسية والعشائرية الداخلية دور في ذلك وسبب للانتشار الدراماتيكي السريع لـ(داعش) وفتح شهية الأكراد لتحقيق حلم الانفصال، وسارع مسعود البارازاني رئيس إقليم كردستان بتوصيف الحالة العراقية (العراق ينهار ونحن لم نكن سبباً، ولا يمكننا أن نظل رهينة للمجهول). فاتحاً الباب لإجراءات الانفصال، في ظل ترحيب إسرائيلي، وتناقض في الموقف التركي، بين التأييد والرفض، وسكون مريب أمريكي وخليجي، في المقابل هناك تأكيد إيراني وسوري وروسي على وحدة العراق.

والسؤال الذي يطرح هنا: لماذا لم تدخل (داعش) مناطق الأكراد وهم مسلمون (سنّة) وهي لا تؤمن بالقوميات بل بالأمة الإسلامية؟!

الأيام أو الأشهر القادمة ستوضح الكثير من الأسئلة، وقد نشرت (النور) تحليلات ومقالات حول هذه القضايا.

الوضع الفلسطيني

مع تراكم الأزمات في الوطن العربي، وانفجار الحالة العراقية، على خلفية ما ورّثه الاحتلال الأمريكي لها، ووصول المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية بالرعاية الأمريكية المنفردة، إلى طريق مسدود، بسبب التعنت والغطرسة الإسرائيلية، شن الكيان الصهيوني هجمات جوية، على قطاع غزة ومواقع أخرى راح ضحيتها حتى الآن أكثر من مئة وخمسين قتيلاً وألف جريح، عدد كبير منهم من الأطفال والنساء والشيوخ، كما هدمت البيوت على ساكنيها، ودمرت مرافق مدنية. ترافق ذلك مع تصريحات من قادة العدو الإسرائيلي نارية، وانتقامية، وتعاطف أمريكي وغربي، وصمت مطبق من بعض الأنظمة العربية، ومواقف خجولة من الجامعة العربية، أين منها التحريض على سورية، اللهم إلا إعلان البعض عن مساعدات (إنسانية) لغزة! وهي غير بريئة، لأن لعبة أمريكا ونتنياهو هي تصوير الحرب كأنها ضد حماس فقط، لا ضد الشعب الفلسطيني؟ والأنكى من ذلك أن (داعش) تقول إن حربها ليست ضد إسرائيل لأن الله لم يأمر بمحاربة إسرائيل؟! وبعض التنظيمات الإسلامية والمعارضات المرتبطة بالخارج اعتبرت أن العدوان الإسرائيلي يصرف النظر عن (قضية الشعب السوري) وأولوية محاربة النظام في سورية والعراق؟! متناسين القضية المركزية، وأن الكيان الصهيوني، العنصري، المتطرف لا يهتم لا بالشعب الفلسطيني، ولا السوري ولا العراقي أو غيره.

إننا نثق أن الشعب الفلسطيني، بما يملكه من مخزون، بأشكال الصمود والنضال، والتصدي للعدوان (الإسرائيلي)، لن تعييه الحيلة بإيجاد الأشكال المناسبة، للرد على العدوان، والثبات في الدفاع عن قضيته العادلة وحقوقه المشروعة، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، وحق العودة، وسيحقق النصر الأكيد، وستقف إلى جانبه قوى المقاومة، والشعوب العربية، وجميع الشعوب المحبة للسلام والمناهضة للعدوان والإمبريالية والصهيونية.

لبنان

كان مقرراً أن يكون لبنان، وهو حلقة ضعيفة، ممراً ومرتكزاً لانطلاق مشروع الحروب الطائفية، والتقسيمات الجغرافية في المنطقة فكانت معركة نهر البارد لإقامة أول إمارة إسلامية في الشمال اللبناني، لإضعاف القضية الفلسطينية، وإضعاف مشروع المقاومة، وإشغال حزب الله وضربه، وإخراج سورية وإيران من دائرة التأثير والدور في مقاومة المشروع الأمريكي والصهيوني، وهو ما تطمح إلى تحقيقه أمريكا وإسرائيل والسعودية وغيرها من القوى الرجعية، ألا أن الرياح سارت بما لا تشتهي سفنهم.

وبعد تطور الأحداث في سورية، وتدخّل حزب الله فيها، أراد البعض إشعال الساحة اللبنانية من جديد، بذريعة الدفاع عن (السنّة) واختار سياسة (النأي بالنفس) فكان مسلسل السيارات المفخخة في الضاحية الجنوبية، ثم معركة القلمون، وتأمين الحدود السورية- اللبنانية. ومع تعقيدات انتخاب رئيس للجمهورية، يبدو أن البعض الإقليمي يحاول الزجّ بالساحة اللبنانية في أتون المعركة، فكانت سلسة إيقاظ الخلايا النائمة، بعد اعتقال وقتل (الماجد السعودي) ومحاولات إدخال سيارات مفخخة وعناصر قاعدية ومنها داعشية، ويظهر جلياً أن قراراً دولياً لا يشجع على تفجير الوضع اللبناني.

عموماً المعركة في لبنان مفتوحة، وهي الآن في إطار معركة المعلومات الاستباقية أكثر منها مواجهة محدودة بين فصيلين متصارعين ومتحاربين.

مصر

إن ظاهرة العمل العنفي تحت راية الإسلام، مخطط إمبريالي صهيوني ماسوني، ولم تكن هناك صراعات طائفية في ليبا أو تونس، أو مصر، مع ذلك نجد التفجيرات هنا وهناك. وبعد فوز السيسي بالرئاسة المصرية، كان المأمول أن تأخذ مصر دورها التاريخي في المنطقة، إلا أن مصر تعاني وضعاً اقتصادياً صعباً، وحل جزء من هذا الوضع يتم بالاعتماد على المساعدات الخليجية وخصوصاً السعودية، إلا أن تغيراً بطيئاً بدأ يظهر في السياسة المصرية، وتجلى ذلك في عودة مصر للمؤتمر الإفريقي، ومحاولة حل مشكلة المياه مع أثيوبيا، وتحسين العلاقات مع الجزائر، و روسيا، وإيران، وتخفيف التدخل في الشأن السوري، وهي تواجه الإرهاب مثل سورية والعراق.

الأردن

توجد في الأردن بيئة حاضنة للفكر التكفيري الإرهابي، خاصة في المناطق المتاخمة للحدود السعودية، والعراقية، وكثرة (جهادية)، في الخارج ولما كان النظام الأردني تحت الطلب، وغير قادر على حماية نفسه، نجد أن إسرائيل سارعت بالإعلان عن حماية الأردن بالتنسيق مع أمريكا والسعودية.

ويعتبر الأردن (مكسر عصا) لأن شهية (دولة الخلافة الإسلامية) مفتوحة على الأردن، بوصفه كبوابة وحيدة للدولة المزعومة على البحر، ورفض أمريكي إسرائيلي سعودي للتخلي عن الأردن الذي يضم مليوني فلسطيني يحملون الجنسية الأردنية، وهو ضامن للحدود الشرقية لإسرائيل. وكان مأوى للمقاتلين ومحطة تدريب وتأهيل لهم قبل إدخالهم إلى سورية بإرادة أمريكية – إسرائيلية – سعودية.

فلسطين المحتلة

إثر مفاوضات ما يسمى (الإطار)، أو تفاهمات كيري وغيرها من التسميات، إلى طريق مسدود، بسبب نية أمريكا وإسرائيل تصفية القضية الفلسطينية وبضمنها حق العودة، وإثر تشكيل الحكومة الانتقالية بعد ما يسمى (المصالحة) بين فتح وحماس، التي ولدت شبه ميتة، ومع تصاعد الجرائم الإسرائيلية، وآخرها العدوان على غزة، هب الشعب الفلسطيني بكل قواه لمواجهة هذا العدوان الشنيع والغطرسة العنصرية الصهيونية.

ظاهرة (داعش)

لم تأت هذه الظاهرة من فراغ، وإن لم يتم التوقف عن إنتاج مثل هذه الظواهر. وغالباً ما تلجأ الدول الإمبريالية خاصة، إلى استخدام استراتيجيات قصيرة المدى، تهدف إلى إرباك العمل السياسي، أو التشويش على العمل العسكري، تؤدي إلى خلط الأوراق، لتجبّ ما قبلها والبدء بمرحلة وحلول جديدة، ومرد ذلك هو الإخفاق الأمريكي منذ عقود، حرب أفغانستان- العراق- لبنان – غزة – ليبيا… إلخ.

وظاهرة داعش هي إحدى منتجات الفوضى الأمريكية في المنطقة، لاتختلف كثيراً عن إنتاج (القاعدة) في أفغانستان، وسبب ذلك تداعي المخططات الأمريكية والصهيونية في المنطقة، وخاصة فشلها في تحطيم الدولة السورية. وفشلها في الاعتماد على الإخوان المسلمين في مصر، ورفض شعوب المنطقة للسياسات الإمبريالية.

فجاء الإعلان عن دولة إرهابية لا صلة لها بالإسلام. لإشاعة الخوف والذعر في المنطقة، والدليل على ذلك هو التهويل الإعلامي حول (داعش) ودولة الخلافة والأخطار المحدقة بالمنطقة والعالم، والخطر الأساسي من ظاهرة (داعش) هي (الفتنة الطائفية) لا الدولة المزعومة.

وبالعودة إلى التهويل الإعلامي الغربي والخليجي، نجد أن سورية أكثر استيعاباً وتوازناً في التعامل مع الحدث، وروسيا سارعت لتمتين نفوذها المتصاعد في المنطقة، وأعلنت (نريد علاقات جيدة مع عراق موحد وقوي)، وإيران رفضت الابتزاز الأمريكي، مما يشير إلى أن هذه القضية الجديدة ستستمر ردحاً من الزمن.

وظاهرة (داعش) كشفت أن الاتهامات السعودية والقطرية والتركية بأن النظام السوري وإيران يقفان خلفها ارتدت على مطلقيها، حتى أن بعض الدوائر والصحافة الأمريكية تعتبر السعودية وقطر هي الداعم لـ(داعش)، واعترف بعض الموقوفين في السجون العراقية بأن السعودية قدمت 150 مليون دولار و 60 سيارة دفع رباعي مكتوب عليها (صنعت خصيصاً للملكة العربية السعودية) وهي فعلاً موجودة في الرقة، قبل احتلال الموصل، حسب شهود عيان.

الأشهر القادمة ستظهر المزيد من المواقف والانقسامات والولاءات في صفوف التنظيمات الجهادية الإسلامية، وهذه الظاهرة ربما سينتج عنها احتمالان:

الأول نهاية ما سمي بـ(الربيع العربي) وعودة التوازن السياسي والجغرافي والأمني إلى المنطقة، ضمن تفاهمات دولية تحت مسمى مكافحة الإرهاب.

الثاني استمرار الصراع وتفتيت المنطقة بما فيها إيران وتركيا والسعودية وستظهر خرائط جديدة إضافة لخارطة كردستان، و(داعش) وبايدن وغيرها…

والخطر الجدي من هذه الظاهرة سيتحمله بالدرجة الأولى الشعب السوري والشعب الفلسطيني، وكافة الشعوب العربية، وشعوب المنطقة.

سورياً ربما تظهر ولاءات جديدة بين التنظيمات المسلحة بدعم من بعض دول المنطقة، وهناك خطر جدي لسيطرتها على محافظة دير الزور.

وفلسطينياً ستزداد محاولات إسرائيل وبعض الدول الخليجية الزج بالشعب الفلسطيني في سورية ولبنان في أتون الصراعات الدائرة، وستجري محاولات لإفشال المصالحات في المخيمات الفلسطينية لتشويه مواقف الشعب الفلسطيني وصرفه عن هدفه الأساسي، في محاربة العدو الصهيوني وحقه في العودة إلى وطنه السليب.

لمواجهة هذه الأخطار لابد من:

1. الاعتماد على صمود شعبنا وجيشنا والاعتزاز بها، والثقة بـأنهما كفيلان بصد أي عدوان أو تآمر على بلادنا.

2. مواجهة أشكال التدخل والتآمر على وطننا، وبضمنها إثارة النعرات الطائفية، والتصدي للفكر التكفيري الظلامي الإرهابي، وإشاعة الفكر العلماني والتقدمي.

3. حل قضايا الجماهير السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، وتطبيق أحكام الدستور وكل القوانين، وخاصة الإصلاحية منها.

4. إيقاف العنف بكل أشكاله، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري، والعمل الجاد لإنجاز عملية المصالحات الوطنية والحوار الوطني الشامل.

5. وقف التجاوزات ومكافحة الفساد بكل أشكاله، والضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب بقوت الشعب، وضبط الأسعار.

6. إيجاد الحلول السريعة والمناسبة للمهجرين.

7. إعادة الإعمار لإعادة الحياة للقطاعات والمرافق الاقتصادية الحيوية (الزراعة – الصناعة – الطاقة – المرافق العامة) وتأمين الطرقات.

8. الحفاظ على كرامة المواطنين وتسهيل معاملاتهم واحترامهم على حواجز التفتيش،. والقضاء على ظاهرة الابتزاز، وإشاعة الشفافية بين أجهزة الحكومة والمواطنين.

المكتب السياسي

 

للحزب الشيوعي السوري الموحد

آخر الأخبار