افتتاحية العدد 1092 من جريدة (النور) | هل بدأت عجلة الإصلاح بالدوران؟

تتناقل وسائل الإعلام المحلية، ويروّج بعض المقربين من مراكز القرار في مدوناتهم الشخصية على الفيسبوك، بعض المؤشرات الأولية على بداية ما أطلقوا عليه (عملية الإصلاح)، ويستشهدون ببعض القوانين وإعادة هيكلة بعض الإدارات والمراكز الأمنية والحكومية، وتظهر جلياً من خلال هذه التسريبات رائحة التفاؤل بأن الإصلاح السياسي والاقتصادي في البلاد قد آن أوانه بعد سنوات من الانتظار.

ولأن الحياة تغتني كل يوم بالجديد والمتنوع، ولأن البقاء في المكان يمثل جموداً يساوي الفناء، ولأن المواطنين السوريين وُعدوا منذ عقود بمجتمع ديمقراطي تعددي واقتصادي تنموي، يعظم من سيادة الوطن، ويعلي كرامة الإنسان السوري، لكن ما حصلوا عليه بعد عقود كان وما زال أوضاعاً استثنائية، بسبب الأزمة السورية ومحاولات الغزو الإرهابي المدعوم من تحالف دولي قادته الإمبريالية الأمريكية، واقتصاداً منهكاً بعد أن اختار الفريق الاقتصادي في حكومات ما قبل الأزمة إضعاف قطاعات الإنتاج العامة، وبعد الخسائر التي تكبدها القطاع الصناعي الخاص بسبب تهديم المنشآت الإنتاجية، وحرق المعامل والمزارع بأيدي الإرهابيين، وانعكاس كل ذلك على الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين السوريين، إذ تهاوت الأجور الحقيقية أمام انفلات أسعار جميع السلع والخدمات، فتراجعت إيرادات الحكومات بسبب خسارة العائد النفطي، وتراجع إنتاج المحاصيل الاستراتيجية واستلامها، وأيضاً بسبب ركود الاقتصاد الوطني المطوّق بحزمة من العقوبات، وعجز الحكومات المتعاقبة على التعامل مع الأزمة واستسهال الحلول التي يمكن اختصارها بتراجع هذه الحكومات عن دعم الفئات الفقيرة بذريعة عدم توفر الإيرادات، والانسحاب التدريجي من العملية الاقتصادية في الإنتاج والتسعير ومراقبة الأداء، في مرحلة كان المواطن السوري يقف وحيداً أمام سيطرة حيتان الأسواق والفاسدين والفئات الجديدة (البازغة) على المفاصل الرئيسية في الاقتصاد الوطني، ويُدفع دفعاً إلى خانة الفقر والفقر المدقع وإلى الهجرة بحثاً عن الأمان.. من اجل كل ذلك،نأمل أن تكون هذه الأخبار والتسريبات صحيحة.

كانت ذريعة البعض بتأخر عملية الإصلاح هي الاحتلالات الصهيونية والأمريكية والتركية للأرض السورية، وعرقلة الإدارة الأمريكية لأي جهد دولي لإنهاء الأزمة السورية، ونحن لا ننكر تأثير هذه المعوقات، ونرى أن مجابهتها تتطلب الإسراع بالإصلاح السياسي والاقتصادي الذي يدعم الصمود السوري، ويضع الأساس لمواجهة الاحتلال واستعادة السيادة على كل شبر من الأرض السورية، والحفاظ على وحدة الأرض والشعب، خاصة إذا جاء هذا الإصلاح عبر حوار وطني واسع وشامل يضم الأطياف السياسية والاجتماعية والاثنية السورية، وتوافق الجميع على إنهاء الأزمة السورية، وإعادة إنهاض سورية لتكون حاضنة الفكر والديمقراطية والأمن والاقتصاد الساعي لتنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة وشاملة.

نعم.. آن أوان الإصلاح، والزمن لا يرحم، ونحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، وغيرنا من القوى السياسية، وضعنا في الماضي القريب، وسنضع مجدداً رؤيتنا للإصلاح السوري الشامل، الذي سينهض بالبشر والشجر والحجر، في وطن حرّ سيّد موحّد، وشعب ينعم بالكرامة والكفاية.

آخر الأخبار