تربية وتعليم

محمود هلال:

مضى أسبوعان على بدء العام الدراسي ومازال هناك بعض العثرات التي تعيق العملية الدراسية، من نقص في المدرسين وفي الكتب وفي بعض التجهيزات الأخرى للمدارس وخاصة في الأرياف. وهذا ما يحصل في بداية كل عام دراسي، ومن الملاحظ زيادة هذه الظاهرة هذا العام مع ارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي، فكثير من المدرسين يمتنعون عن السفر إلى مدن وقرى غير مدنهم للقيام بواجباتهم، بسبب ارتفاع أجور النقل وتدني رواتبهم، وكذلك حملة الشهادات الجامعية ومدرسو المواد الاختصاصية كاللغات الأجنبية وغيرها، وذلك بسبب تدني أجور الساعات الدرسية، وقد يمتد هذا الأمر في بعض المدارس إلى نهاية العام ويمضي العام الدراسي وتبقى بعض المواد دون مدرسين.

ودّع تلاميذ وطلاب المدارس العطلة الصيفية بسلام، وقد وضعوا نقطة في أول السطر استعداداً للعام الدراسي الجديد. العودة إلى المدرسة بعد العطلة الطويلة قد تكون، بلا شك، صعبة على كثيرين من الطلاب والمدرسين أيضاً، خاصة بعد أن تعودوا لفترة على روتين معين من النوم والاستيقاظ واللعب واللهو والتراخي والكسل وعدم الرغبة في الدراسة، لكن هذا يبقى لأيام قليلة، ويدخلون بعدها في الجو الدراسي بالتأكيد.

عادةً ينفر التلاميذ من المدرسة في بداية العام، ويلاقون صعوبات كثيرة، لكن المطلوب من الكادر الإداري والتدريسي تذليل هذه الصعوبات وتخفيفها، وهذا يعتمد بالدرجة الأولى على الطريقة والأسلوب الذي يجري عادةً استقبال الطلاب به، وخاصةً لتلاميذ الصفوف الأولى، لذا يجب انتقاء معلمين أكفاء وذوي خبرة واستقبال التلاميذ بوجه بشوش، وعدم فرض واجبات بيتية ترهق التلميذ وتنفره، والمطلوب الإكثار من الدروس الترفيهية التي تشوق الطالب للمدرسة، مع ضرورة الإقلال من عدد الكتب والدفاتر وغيرها من أدوات يحملها الطالب في محفظته كل يوم، الأمر الذي يرهقه، فكثير من الدول استعاضت بالحاسوب لتلاميذ الصف الأول لكي لا يحمل (تقالة) على ظهره كل يوم.

وقد سبق بدء العام الدراسي حملة استنفار من الأهل لتأمين المستلزمات المدرسية للأبناء، من لباس وكتب وقرطاسية وغيرها، الأمر الذي بات عبئاً كبيراً مع الارتفاع الجنوني للأسعار، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، إذ قدرت كلفة تجهيز طالب المدرسة بين نحو 80 و100 ألف ليرة، فما بالك بالأسرة التي فيها طالبان اثنان أو ثلاثة طلاب وربما أكثر. وماذا لو كان هناك أيضاً فيها طالب أو أكثر في الجامعة، فكيف سيتدبر رب الأسرة أمره؟ ومن أين له أن يؤمن كل هذه التكاليف إذا كان راتبه لا يتجاوز 80 ألفاً.

أما فيما يخص العملية التعليمية والتربوية، فيجب الارتقاء بها وتطوير المناهج المدرسية باستمرار، وذلك بتقديم المنهاج الذي يوسع مدارك التلميذ ويخاطب عقله، بحيث يصبح قادراً على الابتكار والإبداع والعطاء، ويخلصه من أسلوب التلقين وحفظ البصم وحشو المعلومات في رأسه من أجل أن يمتحن بها في نهاية العام، وتتوقف العملية التعليمية عند هذا الحد.

أخيراً نشدد على الدور الهام الذي يمكن أن يقوم به الأهل، بألا يقتصر على شراء المستلزمات المدرسية عشية العام الدراسي فقط، بل المطلوب منهم المتابعة الحثيثة لأبنائهم في المنزل والمدرسة، والسؤال دوماً عن أوضاعهم الدراسية وسلوكهم، وبذلك تتكامل العملية التعليمية والتربوية، وتسهم بفاعلية في بناء مستقبلنا.

آخر الأخبار