ورقة الحزب الشيوعي السوري الموحد حول الفسـاد

یعرّف الفساد بأنه سوء استخدام المنصب العام أو الخاص لتحقیق مصلحة خاصة وذلك وفق تعریف منظمة الشفافیة الدولیة.

 

أنماط الفساد:

١ . الفساد السیاسي: ویمثل قمة الهرم من بین أنماط الفساد الأخرى

٢ . الفساد الاقتصادي والاجتماعي

٣ . الفساد الإداري

 

أسبابه:

الفساد تنحصر أسبابه بجوانب سیاسیة واقتصادیة وقانونیة وإداریة یمكن التركیز على أهمها:

– تراجع منظومة القیم والضوابط الأخلاقیة مما أدى لتغلیب المصلحة الفردیة على المصلحة العامة.

– الظروف الاقتصادیة والاجتماعیة الصعبة التي توجه الأفراد نحو الفردیة.

– تفاقم سیطرة التأثیر المادي في المجتمع.

– غیاب المسائلة أو ضعفها وعدم فعالیتها.

– غیاب المنظومة القانونیة لعدم وجودها أو غیابها (رقابة دستوریة- مساءلة برلمانیة- …)

– عدم كفاءة ونزاهة المنظومة الإداریة من القمة إلى القاعدة لأنها مبنیة على الولاءات المختلفة.

– عدم كفایة الرواتب لموظفي القطاع الحكومي مما دفعهم لانتهاك المال العام أو الخاص من خلال المواطنین.

– عدم ربط الأجر بالعمل المنتج حیث یتساوى المبدع والمعیق.

سنبدأ من الفساد الإداري الذي نعاني من بعض مظاهره المستفحلة مثلنا مثل دول عدیدة في العالم

الثالث وهي الأساس الذي أفرز مشكلاتنا الاقتصادیة والاجتماعیة وحرفت مسار التقدم والتنمیة.

 

من حیث التعریف:

إن الفساد الإداري یكمن في أداء الوظیفة العامة وممارسیها و الذي یعرف على أنه كل من یعمل في خدمة إحدى المنظمات العامة بصفة مستمرة ودائمة ووفق ما تملیه أحكام تأسیسها.

وعليه فإن تصرف الموظف العام داخل هذه المنظمة إذا كان طبقاً للتعريف يعدُّ سلوكاً أخلاقياً وإذا لم یطابق هذا السلوك یعتبر فساداً.

یستنتج من هذا أن من الصعب اختزال ظاهرة الفساد في سبب أو عامل بعینه أو حتى مجموعة عوامل بعینها لذلك فأن الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الفساد الإداري وممارسته من قبل العاملین في الأجهزة الحكومیة، ویمكن الإشارة لبعضها:

 

أسباب سیاسیة:

  • غیاب الحریات والنظام الدیمقراطي ضمن مؤسسات المجتمع المدني
  • ضعف الإعلام والرقابة

الذي یخلق جوا من عدم الاستقرار السیاسي مما یهیئ الجو للفساد الإداري، ويقدر بعض الباحثين في ظاهرة الفساد أن عدم وجود نظام سیاسي مستقر وفعال یستند إلى دستور دیمقراطي دائم یكرس مبدأالفصل بین السلطات أحد العوامل وراء شیوع وتنامي ظاهرة الفساد الإداري بعبارة أخرى غیاب دولة المؤسسات السیاسیة والقانونیة والدستوریة، و في هذه الحالة یغیب الحافز الذاتي لمحاربة الفساد بسبب غیاب دولة المؤسسات وسلطة القانون وشیوع ظاهرة التهدید بالقتل والاختطاف والتهمیش والإقصاء الوظیفي.

هناك عامل آخر یمكن أن یكون وراء تفشي ظاهرة الفساد الإداري و یتمثل بضعف الوعي السیاسي والجهل بالآلیات والنظم الإداریة التي تتم من خلالها ممارسة السلطة و هو أمر یتعلق بعامل الخبرة والكفاءة لإدارة شؤون الدولة من ناحیة أخرى أن استغلال السلطة والنفوذ من اهم الأسباب السلبیة للفساد الإداري وأن استغلال السلطة لا یقتصر على المراتب العلیا فقط بل یشمل جمیع المستویات الإداریة العلیا والوسطى والدنیا.

 

أسباب اقتصادیة:

یمكن إرجاع الأسباب الاقتصادیة للفساد الإداري إلى ضعف المستوى المادي للوظیفة الحكومیة، عدم كفایة نظام الحوافز المادیة والمعنویة المعمول بها، واحساس العاملین في الأجهزة البیروقراطیة بأن هذه الأجهزة أداة للسیطرة والتسلط ولیست لخدمة المجتمع.

ویرى أنصار التفسیر الاقتصادي بأن الفساد الإداري ما هو إلا نتیجة لعدم توزیع الثروة في المجتمع بشكل عادل، إضافة إلى ذلك ما تحمله البیئة الاقتصادیة من سوء الأوضاع المعیشیة للعاملین الناجمة عن عدم العدالة في منح الرواتب والأجور مما یؤدي بالتالي إلى ظهور فئتین ، فئة كثیرة

الثراء مقابل فئات أخرى محرومة في المجتمع وهذا یؤدي بطبیعة الحال إلى إخفاق الولاء للمؤیدات العامة المشتركة للمجتمع ومن ثم بروز سلوكیات منحرفة وفاسدة في أجهزة الدولة حیث ان معظم العملیات الاقتصادیة تتم عن طریق صفقات تجاریة مشبوهة یحتل الفساد الإداري والمالي حیزاً واسعاً فیها، و هو ما سینعكس بصورة أو بأخرى على مستوى أداء الاقتصاد الوطن.

 

أسباب قانونیة:

یمكن إرجاع ظاهرة الفساد الإداري لأسباب قانونیة مثل:

١ – سوء صیاغة القوانین واللوائح المنظمة للعمل، وذلك نتیجة لعدم وضوح القوانین في بعض الأحیان، الأمر الذي یعطي للموظف فرصة للتهرب من تنفیذ القانون أو إلى تفسیره بطریقته الخاصة التي قد

تتعارض مع مصالح المواطنین.

٢ – ضعف المساءلة في الأجهزة القانونیة بل أن البعض منهم یعرف مقدماً تحركات الجهات المحاسبة ولجان التفتیش ویتم إعلامه بتلك التحركات حتى لا یتم ضبطه متلبساً.

٣ – ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلالیتها وعدم تفعیل مبدأ العقاب، وتطبیق القانون على المخالفین أو الذین یستغلون العمل لمصالحهم الشخصیة وضعف المسؤولیة الإداریة عن الأعمال الموكلة أو المحاسبة علیها.

٤ – فقدان هیبة القانون في المجتمع لأن المفسدون یملكون تعطیل القانون وقتل القرارات في مهدها، وبالتالي یفقد المواطن العادي ثقته بهیبة القانون وتصبح حالة التجاوز على القانون هي الأصل واحترامه هو الاستثناء وزیادة فجوة عدم الثقة بین الجمهور ومنظمات الدولة.

 

أسباب إداریة وتنظیمیة:

١ – تضخم الجهاز الإداري حیث یلحظ أن حجم القطاع العام في كثیر من الدول العربیة یفوق احتیاجاته ومن شأن هذا أن یعقد من الإجراءات الإداریة ویضعف التواصل مع المواطنین.

٢ – عدم وجود الشفافیة والنزاهة وعدم وضع المواطن في صلب اهتمام الإدارة كذلك ضعف التدریب الإداري وعدم انتظامه وعدم توجیهه.

٣ – سوء التنظیم الإداري وبیروقراطیة القیادة الإداریة المتمثلة في تعدد القادة الإداریین وتضارب اختصاصاتهم ونقص المهارات السلوكیة والإنسانیة لدیهم.

٤ – نشر ثقافات فاسدة تصبح بمرور الوقت جزءاً من قیم العمل الخاطئة.

 

وفي إطار مكافحة هذه الظاهرة ومعالجتها أرى في البدایة أن یتوجه العمل لمكافحة الفساد إلى منحیین:

أولاً: العمل على صعید المجتمع ككل في إطار:

١ – تثقیف المجتمع وتحویل الولاء تدریجیاً من العائلة والمنطقة الى الأمة والدولة.

٢ – خلق رأي عام یرفض الفساد إما لأنه خطأ من الناحیة الأخلاقیة والدینیة، أو لأنه غیر مجد من حیث النتائج النهائیة.

٣ – خلق ثقة لدى الشعب أن الحكومة ستعالج الفساد وتعاقب الفاسدین بعدالة تطال الكبار قبل الصغار، لیعرف الفاسد أن الثمن سیكون باهظاً.

ثانیاً: العمل الحكومي و یمكن التركیز فیه على النقاط التالیة:

١ – رفع سویة المعرفة الإداریة لمعالجة الأمیة الإداریة القائمة في مستویات الهیكل الإداري في العمق، وهذا ما بدأت الحكومة من خلال برنامج الإصلاح الإداري والمؤسسي.

٢ – تعزیز مسار التنمیة الاقتصادیة الشاملة مع تعزیز تكافؤ الفرص وتكریس العدالة، بحیث ینخرط أكبر عدد من أفراد المجتمع في مسار التنمیة، وذلك عبر تنمیة الصناعة والزراعة و الحرف والذي یزید نسبة ودور المتمتعین في المجتمع بالرفاه المادي نسبیاً، وبالثقافة والالتزام بالمبادئ والقیم الأخلاقیة والفضائل وحریة الفكر والتعبیر عن الرأي، و حینها یصبح أكبر عدد من أفراد المجتمع مهیئاً لمناهضة الفساد ویمهد لإعادة تشكیل الطبقة الوسطى التي ذابت خلال الحرب بشكل نهائي، لأن هذه الشریحة معروفة تاریخیاً بمناهضتها للفساد.

٣ – ترسیخ الدیموقراطیة التي إذا نضجت ستلغي المركزیة والفساد الناتج عنها.

٤ – التركیز على استقلالیة ونزاهة الأجهزة الرقابیة، ودعمها مادیاً ومعنوياً وبشرياً، وإعادة النظر بآليات عملها بحیث لا تنتظر حدوث الفساد بل المتابعة الدوریة لعدم حدوثه.

٥ – تقویة العلاقة بین الأجهزة الإعلامیة وأجهزة مكافحة الفساد والذي یساعد في تسلیط الضوء على المشكلة وعلى آلیات المعالجة والمحاسبة.

٦ – إشراك مؤسسات المجتمع الأهلي بكل مكوناته في محاربة الفساد.

٧ – إعادة النظر بآلیات عمل الأجهزة الرقابیة وتطویرها بحیث لا تنتظر حدوث الفساد لمعالجته عقابیاً بل لعدم حدوثه.

٨ – وجود رقابة على أجهزة مكافحة الفساد لمنع ازدیاد انتشاره حیث أن الفاسدین في الدوائر الحكومیة باتوا شركاء للفاسدین في أجهزة مكافحة الفساد.

٩ – تعزیز فكرة تقییم الأداء ربما بآلیات جدیدة، لأننا نفتقد تقییم الأداء ورصد الأثر التطویري في بعض المؤسسات الحكومیة.

١٠ – یجب ان یكون لدى الإدارة العلیا القناعة بأن هناك مشكلة تعاني منها المؤسسة وهي الفساد أولاً، كي تكثف جهودها لتطویقه والسیطرة علیه ومعالجته والوقایة من عودته باتخاذ القرارات الحاسمة.

١١ – الإدارة العلیا علیها التمییز بین معالجة الفساد الداخلي للمؤسسة والذي یتعلق بالموظفین الذین یعملون في المؤسسة، والفساد الخارجي والذي یتعلق بالزبائن او عملاء المؤسسة.

١٢ -تغییر النظام الإداري للمؤسسة بحیث یمنح قدراً من حریة التصرف للموظفین، لأن انعدام الحریة تعني المركزیة الإداریة التي تساهم في تغذیة الفساد.

١٣ – تقلیل وتضعیف العلاقة المباشرة بین الزبون والموظف باستخدام معطیات تكنولوجیا المعلومات والكمبیوتر.

١٤ – تأمین مردود للعاملین في الدوائر والمؤسسات الحكومیة بما یؤمن لهم الحیاة الكریمة وغیر الذلیلة حیث أنهم یبقون تحت خط الفقر دون أمل لهم بتحسین ظروفهم إلا عن طریق الفساد المالي.

١٥ – حساب تكلفة مكافحة الفساد المادیة وغیر المادیة، لتجنب تجاوز كلفتها تكالیف الفساد نفسه، فكثیراً ما یتم تبریر تجمید أو إلغاء خطط مكافحة الفساد بهذا العنوان.

١٦ – تبسیط وصول الشكاوى إلى الجهات الوصائیة والرقابیة، وتجنیب صاحب الشكوى أي عواقب لتبلیغه عن مكامن الفساد.

آخر الأخبار